أخبار ساخنة

المرتضى من بعقلين: مجدا السماء والأرض تجسدا في الجنوب


  القى الوزير السابق للثقافة القاضي محمد وسام المرتضى كلمة  في احتفال تكريم مبدعين لبنانيين في مجالات الثقافة والاعلام والشعر الزجلي هم الشاعر طليع حمدان وعميد الاعلان والاعلام فيليب حتى وريتا نجيم الرومي والفنان التشكيلي والنحات شربل فارس وريما حلواني المصري في المكتبة الوطنية في بعقلين جاء فيها:  "بالقرب من لبنان الذي أتعبناه بخلافاتنا، نلتقي ههنا في بعقلين التي تتحفنا بجمالها وتكاد تنسينا أننا في أعماق الأزمة....نلتقي لنكرم ثلة من المبدعين، بمبادرة من الأخت العزيزة السيدة سمر مزهر، في رحاب هذه الدار العريقة باحتضان من الأخ العزيز الأستاذ غازي صعب، وفي حضرة سامية من روح المرحوم الحبيب شوقي حمادة".
اضاف:" للباحثين أن يتحيروا ما شاؤوا أيها الاحبة في معنى اسم بعقلين، وأن يختلفوا في نسبة جذره إلى السريانية أو العربية أو سواهما، وأن يتأولوا تاريخها وأخبارها على النحو الذي يريدون؛ أما بالنسبة لي أنا، فقد سبق أن قلت كوزير للثقافة في الجمهورية اللبنانية، أنه تكفيني من بعقلين صفات ثلاث، لا أظنها اجتمعت في أي مدينة أو بلدة أو دسكرة أخرى من أرض لبنان. أولها أن بعقلين "مدينة التواصل الثقافي"، سميت هكذا بموافقة رسمية من وزارة الثقافة، منذ عشرين عاما بالتمام والكمال. وأن هذه التسمية، كما نقول في علم القانون، ذات مفعول إعلاني لا إنشائي، أي أنها جاءت وصفا لواقع الحال الذي وسم حراكها الثقافي على امتداد سنين، في مجالات كثيرة أخص منها، وفقط، في معرض مناسبة هذا اليوم، مجال الأدب العربي شعرا ونثرا وعلوم لغة، منذ أيام الشيخ أحمد تقي الدين شاعر القضاة وقاضي الشعراء، بل قبله، مرورا بكبار تضيق الدنيا بسعة أسمائهم، وصولا إلى شوقي حمادة الذي ما برح جالسا سعيدا على أريكة الضاد حتى بعد ارتقائه الى دار البقاء. وأما الصفة الثانية التي أذكر بها كلما حضرت الى بعقلين فهي أن هذه المدينة البهية هي الموضع الأول، والوحيد على ما أعلم، في هذا الشرق المصفد بقيوده الكثيرة، الذي تحول فيه السجن إلى مكتبة. "افتح مدرسة تغلق سجنا" شعار عكسته مدينة العقل، مفردا ومثنى وجمعا، ثم جسدته حقيقة تدركها الحواس. هل لحجارة هذا الصرح أن تحكي لنا عن أثر انتقالها من الضوضاء إلى السكينة، ومن العقاب إلى الكتاب، ومن المحاضر العدلية إلى المحاضرات الثقافية؟ تبقى الصفة الثالثة التي يتمتع بها، بالاشتراك مع بعقلين، بنو معروف كلهم، إرثا نقيا يتناقلونه حنجرة عن حنجرة، هي هذه القاف القوية العميقة التي تقرع أقوالهم، فتعيدنا عندما نسمعها إلى فخامة العربية وأبهة النطق بها، وهذا هو بالضبط الهم الذي كابده عيشا وكتابة ودراسة، من نجتمع اليوم في عبق طيب ذكراه، عاشق لغتنا الأم، الأديب الحصيف الحبيب المرحوم الأستاذ شوقي حمادة".
      

تابع:"لعله من نافل القول أن أعيد عليكم الآن ما تعرفونه يقينا من سيرته الذاتية، منذ طفولته فصباه، فشبابه المتجدد على الدوام حتى ما بعد رحيله عن هذه الدنيا، لأن حضوره بيننا حضورا متوقدا متعافيا محسوب بإيقاع الحبر على السطور والصفحات والكتب، لا بإيقاع الثواني على الساعات والأيام والسنوات أو بوقع الموت وأثره. ولا أريد أيضا أن أكرر على مسامعكم إسهاماته الوظيفية والتعليمية والثقافية التي يحفظها أهل هذا الجبل الأشم، وإخواننا الموحدون الدروز، وسائر المواطنين والعرب المشتغلين بالشأن الثقافي. فيا ايها الحبيب شوقي، الوزير السابق للثقافة الذي كان ينحني أمامك تقديرا لك وإجلالا ها هو ذا ينحني في حضرة روحك المؤمنة الطيبة الطاهرة التي ستبقى فواحة حارسة لكل ما هو اصيل وحصيف في لغتنا وحياتنا.... كرمنا أنفسنا اذ كرمناك في حياتك وها نحن نزيدها إكراما اذ نكرمك نحن واصدقاؤك ومحبيك بعد انتقال روحك الى المليك الأعلى... سلام الله عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا" .        

وقال:"أما أنت أيتها السيدة ريما حلواني فأخت عزيزة وزوجة اخ عزيز، تمخرين عباب أدب الرواية والفن التشكيلي بحس مرهف وعزيمة منعقدة على التألق... لكنني اراك أبهى ما اراك متولية لشأن عام عساها لا تخيب الرؤيا ....فما أحوجنا أيها الأحبة الى أن يكون متولي الشأن العام، أول ما يكون، مرهف الإحساس، متقد الفكر، مسؤولا بقلبه، خادما للناس لا خادما لهواه على حساب الناس، وفقنا الله جميعا لأن نكون على هذا النحو.
 

أما الأستاذ فيليب حتي الصديق العزيز فقيمة أخلاقية وإنسانية، وقامة سياسية واجتماعية، وقمة ثقافية وعلمية، واليه أقول: إن سعادة اللبنانيين ما كان ليكون لا حدود فيما لو شاء قدرنا أن تتولى في غمرة نشاطك السياسي السدة المؤهل أنت وقليلون لتوليها... ولكن أتت الرياح ...ومع هذا نبقى في حاجة ماسة الى من هو مثلك... فالله حباك بجاهزية دائمة للعب أسمى الأدوار وأهمها ثقافيا وسياسيا لا سيما على مستوى بث الوعي الكفيل بخلاصنا مما نحن فيه، والضامن لمستقبل أفضل لأجيالنا القادمة ...فبورك فيك وبك، ومدك بالهمة والعافية، ووفقكنا واياك لما يحبه ويرضاه.
 

وأما للست ريتا نجيم فنقول: ما كان لباب التألق الإعلامي أن ينفتح لأحد على المصراعين الا اذا كان بطبيعة تكوينه مجبولا من أدب والتزام، يجريان معا في دمه، جريان دمه في شرايينه... الإعلامي الحقيقي ايها الأحبة  ليس من يلاحق الحدث بل من يلاحق الحقيقة فيه ....ليس من يعلو صوته بل من يعلو ضميره....هو من يكتب لا بحبر الحماسة والاندفاع بل بمداد المسؤولية ....من يعرف ان الكلمة قد تنقذ او تقتل وان المايكروفون أمانة لا سلاح...الإعلامي المهني هو من يدقق قبل ان يعلن وينزه المعلومة عن الغرض ويجعل من المهنة مرآة للناس لا مرآة لنفسه،...الإعلامي المهني ليس ناقلا للضوء بل صانعا له والمكرمة العزيزة أضاءت عقول اللبنانيين بالعقل قبل الصوت فبورك لها وفيها.
      

اما أنت أيها الفنان المبدع شربل فارس فيكفيك أن لك من اسميك نصيب، تكريمك يأتي لأنك أنطقت الحجارة فتخلت عن جلمودها وارتدت فستانا تغازله نسائم الحرية لعقيدتك الراسخة، رسوخ عقيدة صديقك واستاذي المبدع المرحوم عزت مزهر، بأنه لا فن بلا حرية ولا إبداع  بلا حرية ولا لبنان بلا حرية....فبورك لك ايضا ومدك بالهمة والعافية.
 

أما مسك الختام فأنت يا ابا شادي،
 وفيك لن أستطرد أو أطيل،
بل سأختصر مستعيدا ابياتا من شعر لك قلتها انت في الجنوب؛
يقول ابو شادي أيها الأحبة مخاطبا الجنوب:
مجد السما نازل عليك يدوب        ومجد الأرض منك إلك طالع
المجدين فيك تجسدوا يا جنوب   من خصرك ونازل مجد هالأرض
            ومجد السما من خصرك وطالع"
وأنت كمان يا استاذ طليع مجدين تجسدوا فيك،
من خصرك ونازل مجد هالأرض....ومجد الشعر من خصرك وطالع.
شرفني حضوري بينكم، عشتم وعاش لبنان. "