أخبار ساخنة

سلامة تفقد المواقع الاثرية بقاعا: الدولة في سعيها لاستعادة حضورها تتحمل مسؤولية البقاء إلى جانب أبنائها والاعتراف بدورهم في حماية التراث والهوية


 قام وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة بجولة في المواقع الأثرية في البقاع، يرافقه المدير العام لمديرية الآثار المهندس سركيس خوري، مسؤول الآثار في البقاعين الاوسط والغربي في المديرية العامة للآثار الدكتور رافي جرجيان وموظفي المديرية العامة للآثار.

قلعة عنجر

واستهل الوزير سلامة جولته عند العاشرة صباحا بتفقد قلعة عنجر، وكان في استقباله رئيس بلدية عنجر- حوش موسى ستراك هاواتيان وعدد من أعضاء المجلس البلدي.

وتحدث الوزير سلامة، فأكد أن "الخطوة الأولى للترويج للمواقع الآثرية السياحية تتمثل في تعزيز المعرفة بالموقع، عبر المزيد من البحث والتنقيب والدراسة"، مشددا على "أهمية الحفاظ على هذا الموقع الذي شهد تراكم حضارات متعددة، كالإغريقية والأموية والإسلامية والعباسية والمملوكية وحتى الصليبية".

وأوضح أن "أهمية الموقع لا تقتصر فقط على جماليته أو كنوزه الأثرية، بل تتعدى ذلك إلى كونه يساهم في إعادة كتابة علمية دقيقة لتاريخ لبنان"، مشيرا إلى أن "أي موقع اثري هو المرجع الأساسي لأي مؤرخ ويساعد في إعادة كتابة علمية لتاريخ لبنان".

ولفت إلى أن "المواقع الأثرية تلعب دورا محوريا في عملية التعافي الاقتصادي، وهو ما يتطلب تفعيل هذا الدور"، واوضح انه خلال تولية الوزارة في فترة سابقة، سعى للحصول على "تمويل بقيمة تفوق 100 مليون دولار من البنك الدولي بهدف تعزيز الحياة الاقتصادية في محيط المواقع الأثرية الكبرى، مثل بعلبك وصور وجبيل وغيرها من الاماكن. واليوم، لا زال لدي الاهتمام نفسه بتوظيف الثقافة والآثار في دعم الاقتصاد الوطني من خلال استقطاب السياحة الثقافية وتحفيز الحركة الاقتصادية والخدمات في المناطق المجاورة للمواقع الأثرية".

وركز على "ضرورة إيلاء الاهتمام بالمواقع الأقل شهرة والتي لم تحظ بالتركيز الكافي رغم أهميتها وجمالها"، داعيا إلى "تسليط الضوء على مواقع مثل عنجر التي تستحق أن تكون في صدارة الاهتمام الأثري والسياحي".

وردا على سؤال حول تقويمه للتقرير الذي قدمه الجيش اللبناني لمجلس الوزراء، أوضح سلامة أن "هذا التقرير هو الأول من نوعه، وهو نموذج للتقارير التي ستليه، وكان تفصيليا، وانا احترم سرية القرار بعدم إفشاء سرية العمليات التي يقوم بها الجيش، وبالذات سرية ذلك التقرير"، وشدد على احترامه "سرية المعلومات والعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش"، ولفت الى أن "الإفصاح عن التفاصيل ليس من مسؤوليتي".

وختم موضحا أن "التقرير قدم صورة واضحة عن الجهود المبذولة لتعزيز قدرات الجيش البشرية والعملياتية في الجنوب، في إطار الالتزام بالمهلة الموضوعة من قبل الجيش لإنهاء ملف جنوب الليطاني بحلول نهاية العام".

وخلال الجولة قدم الدكتور جرجيان شرحا تفصيليا عن القلعة والحضارات التي توالت عليها.

كامد اللوز

ثم انتقل الوزير سلامة والوفد المرافق الى بلدة كامد اللوز في البقاع الغربي، حيث كان في استقباله في مبنى البلدية، النائب شربل مارون، مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي ممثلا بالشيخ عاصم الجراح، قائمقام البقاع الغربي وسام نسبيه، رئيس البلدية الدكتور عبد الحكيم واكد، العميد السابق لكلية الآداب والعلوم الانسانية الدكتور محمد توفيق أبو علي ومخاتير البلدة وعدد من أعضاء المجلس البلدي.

وأكد الوزير سلامة خلال جولته في المواقع الأثرية في البلدة، أن "الاهتمام بالآثار ليس ترفا ثقافيا بل واجب وطني"، مشيرا إلى أن "سهل البقاع لا يعرف فقط بإنتاجه الزراعي، بل أيضا بغناه الأثري الذي يحتضن شواهد على تعاقب الحضارات والإمبراطوريات".

وأوضح أن "كل حجر نكتشفه وكل فخار نخرجه من باطن الأرض، هو دليل يساعد المؤرخ على إعادة كتابة التاريخ على أسس علمية دقيقة".

ولفت إلى أن "الإنفاق على الثقافة والآثار ليس نوعا من الترف كما يظن البعض، بل هو استثمار في التعافي الاقتصادي من خلال تشجيع السياحة الثقافية وتنشيط المرافق المحيطة بالمواقع الأثرية".

وختم معلنا أن "الدولة، في سعيها لاستعادة حضورها على كامل أراضيها، تتحمل مسؤولية أن تبقى إلى جانب أبنائها وأن تعترف بدورهم في حماية التراث والهوية الوطنية".

واكد

ورحب رئيس البلدية بالوزير سلامة والوفد، وأكد أن "كامد اللوز ليست بلدة عادية، بل صفحة ناطقة من تاريخ الإنسانية. تمتد جذورها لأكثر من أربعة آلاف سنة، وقد كانت مدينة كنعانية مزدهرة ورد اسمها في رسائل تل العمارنة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ويذكر ملكها الكنعاني كوميدي الذي تواصل مباشرة مع فرعون مصر، مما يدل على مكانتها السياسية والإدارية في تلك الحقبة، ودورها كمركز للتبادل بين حضارات المشرق والمغرب".

وقال: "لقد مرت على كامد اللوز حضارات متعددة الفينيقية، الهلنستية، الرومانية، البيزنطية والإسلامية، فترك كل منهما بصمته في هذا التل الذي ما زال يحمل في طبقات ترابه حكايات آلاف السنين. ورغم أن مدنا كبرى مثل جبيل وصور وصيدا اشتهرت باستمرارها التاريخي على شواطئ المتوسط، فإن كامد اللوز كانت قلب الحضارات في الداخل اللبناني، ومركزا إداريا وثقافيا هاما يوازي أهميتها في تلك العصور، ما يجعلها حلقة أساسية في سلسلة الهوية التاريخية للبنان".

أضاف: "نغتنم هذه المناسبة لنذكر بأن البعثة الألمانية التي نقبت في تل كامد اللوز منذ ستينات القرن الماضي، كشفت عن كنوز أثرية نادرة تعرض اليوم في متاحف ألمانيا، ومنها قطع فخارية وتماثيل ولقى فريدة يجب أن تعود يوما إلى موطنها الطبيعي في كامد اللوز، ضمن رؤية تحترم روح التعاون الثقافي وتعيد لهذه الأرض جزءا من ذاكرتها المهاجرة"، وأوضح أن "تلك الحجارة المصقولة والقطع المعمارية المنحوتة التي كانت من بقايا مدينة مهدمة منذ قرون، تعكس غنى هذه الأرض وعمقها التاريخي"، واك أن "كامد اللوز ستبقى شاهدة على تاريخ لبنان ومركز إشعاع حضاري وثقافي في البقاع".
كامد اللوز الاثري

ثم انتقل الوزير سلامة إلى موقع كامد اللوز الأثري ومركز الاستعلامات، واستمع إلى عرض حول أعمال إعادة تأهيل الموقع والتحضيرات الجارية لتنظيم نشاطات ثقافية وتوعوية فيه.

وقدم جرجيان شرحا توضيحيا على الخريطة وفي الموقع عن الأثار والحضارات التي توالت على البلدة.

قلعة نيحا

واختتم الوزير سلامة جولته بتفقد موقع قلعة نيحا في زحلة، ومنها الآثار المكتشفة لدمجها مع بناء الكنيسة الجديدة داخل البلدة، والمشاريع المستقبلية مثل إلغاء الطريق داخل الموقع وإنشاء متحف لتاريخ الترميم في لبنان.

كما تفقد موقع حصن نيحا الذي يحوي معابد رومانية بالاضافة الى كنيسة بيزنطانية تم بناؤها من حجارة المعبد وتعمل مديرية الاثار حاليا على ابراز معالم الكنيسة وتسليط الضوء عليها امام الزوار، وعرض مشروع إبراز البازيليك البيزنطية الموجودة أمام المعبد الروماني