
الوزير السابق جوزف الهاشم
يروي الصحافي وليد عوض في كتابه : بشارة الخوري فارس الموارنة الجزء الثاني صفحة : 263 ما يأتي :
" أطلق حرّاس حزب الكتائب النار على عمّال في المرفأ فدهَمتْ قـوّة من الشرطة بيت الكتائب وصادرت بعض السلاح ، فقامت القيامة على الحزب تندِّدُ بتحوُّلـهِ إلى دولة ضمن الدولة وإلى ميليشيا مسلّحة ، فاتَّخـذ بشارة الخوري قراراً بحـلّ منظمة الكتائب وأعلن في مذكراته : لـمْ أُضْمِـرْ أيَّ سوءٍ لمنظمة الكتائب ، ولكنني أعتقد أنّ تقليدَ الجندية في المنظمات يخلق في المنضوين تحت لوائها نفسيّةَ اعتداءٍ وحقـد لا تتماشى مع المبادىء الديمقراطية ، وكثيراً ما يرى أعضاء المنظمات شبْـهِ العسكرية أنفسَهُمْ أنداداً للدولة ، أمّا الحزب السياسي فهو الذي ينسجم مع مفاهيم النظام الجمهوري ."
وكان بعد قرار حـلّ منظمة الكتائب أنْ بادر الكتائبيون إلى إنشاء حزب سياسي باسم الإتحاد اللبناني .
لا أريد الخوض في المقارنة بين دولة ذلك الزمان وهذا الزمان ، وبين حزب الكتائب وحزب الله مع كلّ المبرّرات القومية والوطنية التي يعتمدها حزب الله للتمسُّك بسلاحه .
أنا أفهم جيداً استراتيجية حزب الله وتطلعاته العقائدية وأفهم في المقابل ما تعرَّضَتْ لَـهُ البيئة الشيعية من اعتداءات متراكمة ، وقد قُـدِّرَ لها أنْ تدفع ضريبة الجغرافيا وجهاً إلى وجـه مع العدو الإسرائيلي ، وتدفع ضريبة تورّط المنظمات الفلسطينية في مممارسة أعمال المقاومة من جنوب لبنان ، والتي جعلت لبنان يدفع ضريبةَ عجـزهِ عن الحماية المطلوبة لأهل الجنوب .
لا بـدَّ من الإعتراف بأن حزب الله ـ بصرف النظر عن مغامرة الإسناد ـ قد خاض معارك شرسة ضـدّ العدو الإسرائيلي وقـدّم من التضحيات والشهادات أقصاها من خيرة القيادات وعلى رأسهم السيد الشهيد حسن نصرالله ، "والجودُ بالنفسِ أقصى غايـةِ الجودِ ..."
نعم .. المقاومة حـقٌ دولي مشروع ضـدّ أيّ احتلال ، ولكنَّ الذين يعترضون على سلاح مقاومة حزب الله ، بالرغم من أنَـه لم يحقق غاية الردع عن الشعب والأرض ـ فقد تخطّى هذا السلاح حدود لبنان الدفاعية ، وحدود لبنان الشرعية لينخرط في مشروع إقليمي شاسع الإمتداد عبر محور الممانعة بقيادة إيرانية .
فلماذا إذاً لا تفتّش عن حـلّ يلبْنِـنُ المقاومة في إطار الدولة ما يجعلنا جميعاً مقاومين دفاعاً عن لبنان وبالأخصّ عن بيئـة حزب الله .
في ظـلّ تضخّم حالة التفكّك يصبح الرهان على السلاح الهاجسَ الغالب لدى المكونات اللبنانية ، بحجة المحافظة على الوجود أو الحماية الذاتية ، أو تحقيق مكاسب متفوّقة في النفوذ ، وكان لا بـدّ بعد كلّ مغامرة مخضّبة بالدم من الرجوع إلى رحاب الدولة ، هكذا انتهت حرب 1958 و 1975 بتسوية وفاقية تدمج المكوّنات في إطار الكيان ، وهي الخيار الحتمي خلاصاً لحرب 2025 .
يقولون : أنّ حزب الله الذي ارتقى إلى مستوى مقارعة العدو الإسرائيلي واحتلّ مرتبة اللاّعب الإقليمي البارز في المنطقة ، فليس من السهل مقارنةً بينه وبين الآخرين ، أن يتخلّى عن المكتسبات التي حقّقها بحكم كونـه مقاومة .
إلاّ أنّ نظرية القيمة المرتفعة في علم النفس تجعلنا أكثر قدرة على التعامل مع حالات الصعود والهبوط وتقبُّل نتائج التاريخ .
إذا كان حزب الله لنْ يتخلّى عن مكتسبات المقاومة ، فلا نـراه يتخلّى عن مكتسبات إنقاذ لبنان ، وهو الذي يعتـزُّ بتقديم التضحيات في سبيل لبنان وسيادته.
وإلاّ ، فماذا عن وطـن يهتـزّ ، ودولة تتفكّك ، وشعب يترنّح بين الإنهيار والإحتضار ، أليس هذا يحتاج إلى مقاومة ، بل إلى المقاومة ...؟
عن جريدة الجمهورية
بتاريخ : 29/8/2025
يروي الصحافي وليد عوض في كتابه : بشارة الخوري فارس الموارنة الجزء الثاني صفحة : 263 ما يأتي :
" أطلق حرّاس حزب الكتائب النار على عمّال في المرفأ فدهَمتْ قـوّة من الشرطة بيت الكتائب وصادرت بعض السلاح ، فقامت القيامة على الحزب تندِّدُ بتحوُّلـهِ إلى دولة ضمن الدولة وإلى ميليشيا مسلّحة ، فاتَّخـذ بشارة الخوري قراراً بحـلّ منظمة الكتائب وأعلن في مذكراته : لـمْ أُضْمِـرْ أيَّ سوءٍ لمنظمة الكتائب ، ولكنني أعتقد أنّ تقليدَ الجندية في المنظمات يخلق في المنضوين تحت لوائها نفسيّةَ اعتداءٍ وحقـد لا تتماشى مع المبادىء الديمقراطية ، وكثيراً ما يرى أعضاء المنظمات شبْـهِ العسكرية أنفسَهُمْ أنداداً للدولة ، أمّا الحزب السياسي فهو الذي ينسجم مع مفاهيم النظام الجمهوري ."
وكان بعد قرار حـلّ منظمة الكتائب أنْ بادر الكتائبيون إلى إنشاء حزب سياسي باسم الإتحاد اللبناني .
لا أريد الخوض في المقارنة بين دولة ذلك الزمان وهذا الزمان ، وبين حزب الكتائب وحزب الله مع كلّ المبرّرات القومية والوطنية التي يعتمدها حزب الله للتمسُّك بسلاحه .
أنا أفهم جيداً استراتيجية حزب الله وتطلعاته العقائدية وأفهم في المقابل ما تعرَّضَتْ لَـهُ البيئة الشيعية من اعتداءات متراكمة ، وقد قُـدِّرَ لها أنْ تدفع ضريبة الجغرافيا وجهاً إلى وجـه مع العدو الإسرائيلي ، وتدفع ضريبة تورّط المنظمات الفلسطينية في مممارسة أعمال المقاومة من جنوب لبنان ، والتي جعلت لبنان يدفع ضريبةَ عجـزهِ عن الحماية المطلوبة لأهل الجنوب .
لا بـدَّ من الإعتراف بأن حزب الله ـ بصرف النظر عن مغامرة الإسناد ـ قد خاض معارك شرسة ضـدّ العدو الإسرائيلي وقـدّم من التضحيات والشهادات أقصاها من خيرة القيادات وعلى رأسهم السيد الشهيد حسن نصرالله ، "والجودُ بالنفسِ أقصى غايـةِ الجودِ ..."
نعم .. المقاومة حـقٌ دولي مشروع ضـدّ أيّ احتلال ، ولكنَّ الذين يعترضون على سلاح مقاومة حزب الله ، بالرغم من أنَـه لم يحقق غاية الردع عن الشعب والأرض ـ فقد تخطّى هذا السلاح حدود لبنان الدفاعية ، وحدود لبنان الشرعية لينخرط في مشروع إقليمي شاسع الإمتداد عبر محور الممانعة بقيادة إيرانية .
فلماذا إذاً لا تفتّش عن حـلّ يلبْنِـنُ المقاومة في إطار الدولة ما يجعلنا جميعاً مقاومين دفاعاً عن لبنان وبالأخصّ عن بيئـة حزب الله .
في ظـلّ تضخّم حالة التفكّك يصبح الرهان على السلاح الهاجسَ الغالب لدى المكونات اللبنانية ، بحجة المحافظة على الوجود أو الحماية الذاتية ، أو تحقيق مكاسب متفوّقة في النفوذ ، وكان لا بـدّ بعد كلّ مغامرة مخضّبة بالدم من الرجوع إلى رحاب الدولة ، هكذا انتهت حرب 1958 و 1975 بتسوية وفاقية تدمج المكوّنات في إطار الكيان ، وهي الخيار الحتمي خلاصاً لحرب 2025 .
يقولون : أنّ حزب الله الذي ارتقى إلى مستوى مقارعة العدو الإسرائيلي واحتلّ مرتبة اللاّعب الإقليمي البارز في المنطقة ، فليس من السهل مقارنةً بينه وبين الآخرين ، أن يتخلّى عن المكتسبات التي حقّقها بحكم كونـه مقاومة .
إلاّ أنّ نظرية القيمة المرتفعة في علم النفس تجعلنا أكثر قدرة على التعامل مع حالات الصعود والهبوط وتقبُّل نتائج التاريخ .
إذا كان حزب الله لنْ يتخلّى عن مكتسبات المقاومة ، فلا نـراه يتخلّى عن مكتسبات إنقاذ لبنان ، وهو الذي يعتـزُّ بتقديم التضحيات في سبيل لبنان وسيادته.
وإلاّ ، فماذا عن وطـن يهتـزّ ، ودولة تتفكّك ، وشعب يترنّح بين الإنهيار والإحتضار ، أليس هذا يحتاج إلى مقاومة ، بل إلى المقاومة ...؟
عن جريدة الجمهورية
بتاريخ : 29/8/2025