أخبار ساخنة

بين "مع وضد"... الدولرة في نقابة المحامين سارية



كتب حسين زياد منصور- لبنان الكبير

مهنة المحاماة، كبقية المهن مرت بالكثير من المراحل الكارثية خلال الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، إلى جانب جائحة كورونا ثم التظاهرات وصولاً ألى الاضرابات التي عمت إدارات الدولة، من اعتكاف القضاة والموظفين في قصور العدل والمحاكم، وكل هذه الأسباب كانت كافية لتعطيل أعمال المحامين.

وخلال الفترة الماضية كانت نقابة المحامين "حديث البلد"، بعد قرار منع المحامين من الظهور الإعلامي من دون إذن مسبق من النقيب، على اعتبار أن النقابة هي الحامية لحقوق الناس وصوتهم لدى السلطة في سبيل التعبير عن مطالبهم، وأطلق بعض المحامين على هذه الخطوة "كم الأفواه". حتى كان القرار الأخير والمفاجئ من دون انذار برفع الرسوم وتقاضيها بالفريش، في ظروف تعد صعبة على الجميع إن كان على المحامي أو الموكل، مع العلم أن عدداً كبيراً من المحامين بعد تعطيل أعماله خلال الفترة الماضية أغلق مكاتبه.

الخطيب: تصويب على النقابة لدورها الوطني
وفي حديث مع "لبنان الكبير" يشرح أمين سر نقابة المحامين في بيروت المحامي سعد الدين وسيم الخطيب عن هذا القرار أكثر، "فالوضع الاقتصادي في البلد سيئ جداً اليوم ونقابة المحامين كغيرها من النقابات والمودعين أموالها موجودة في المصارف، ولم تتمكن من الاستحصال عليها. رسم الاشتراك السنوي للمحامي في الجدول العام أي الاستئناف 800 ألف ليرة كانت تساوي 533 دولاراً وفق سعر صرف 1500 ليرة، اليوم تساوي أقل من 8 دولارات، والرسوم التي تمت دولرتها تغذي صناديق النقابة الثلاثة، الصندوق التعاوني الذي يعنى بالاستشفاء والمساعدات الاجتماعية وصندوق التقاعد المرتبط برواتب المتقاعدين وصندوق النقابة الذي يعنى بمصاريف النقابة والموظفين والصيانة والأمور المرتبطة بذلك".

ويضيف: "كنا ندفع على تسجيل الوكالة السنوية للشركات 150 ألف ليرة سنوياً أي 100 دولار، اليوم عادت 100 دولار ولم يتغير أي شيء لأننا أصبحنا نحصّلها بالدولار، فالمليون ليرة تساوي 10 دولارات، ورسم الانتساب الى النقابة كان 3 ملايين و650 ألف ليرة أي ما يوازي 2450 دولاراً سابقاً اليوم أصبح 500 دولار، أما الـ 400 دولار التي هي لصيانة بيت المحامي، فالجميع دفعوها في السابق 600 ألف ليرة، اليوم عادت 400 دولار".

ويؤكد أن "نقابة المحامين في بيروت هذه المؤسسة الوطنية العريقة، التي تأسست عام 1919 قبل اعلان دولة لبنان الكبير، لا تهبط أو تسقط أو تفلس ولا تغلق".

وعن إيجابيات القرار، يشير الخطيب الى "أننا قادرون اليوم على إعادة دعم صندوق المتقاعدين، فالمتقاعد الآن يحصل على 4 ملايين ونصف المليون و90 دولاراً كل 3 أشهر، ما الذي يؤمنه له هذا الراتب خلال الأزمة؟ ان هدفنا زيادة الراتب التقاعدي وذلك من خلال الاشتراكات التي رفعناها من الوكالات أو بقية الرسوم، الى جانب ذلك هناك 25 مركزاً لنقابة المحامين في مختلف المحافظات، وهي تحتاج الى النفقات من أوراق وأحبار وكهرباء وتضم موظفين أيضاً، فهناك أكثر من 100 موظف يتقاضون معاشاتهم بالليرة اللبنانية لم يعودوا قادرين على الاستمرار في القيام بأعمالهم".

ويقول: "نحن كنقابة محامين ندفع في الصندوق التعاوني عن كل محامي إن كان متدرجاً أو في الجدول مساهمة للتغطية الصحية، فهناك 8 آلاف محامي يشتركون في النظام الاستشفائي لنقابة المحامين والنقابة تدفع عن كل منهم 320 دولاراً أي ما يساوي مليونين ونصف المليون دولار في السنة إن أردنا حسابها، وهل الحل لذلك يكون بإعلان الاضراب أو الاعتكاف وإيقاف عمل النقابة والعدالة؟ بالتأكيد لا، والى جانب ذلك هناك العديد من المواضيع التي تتابعها النقابة من تفجير المرفأ وحماية حقوق المودعين الى متابعة مشروع الطاقة الشمسية في بعبدا وتوزيع الكهرباء لمختلف المناطق لمساعدة مرفق العدالة في العمل".

أما عن سبب عدم تقاضي المال بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف، فيوضح الخطيب أن "مراكز النقابات يتم فيها قبض رسوم الوكالات وغيرها، ولا يمكن تحويلها وايصالها الى النقابة في اليوم نفسه، وتتم هذه العملية أصلاً كل أسبوع أو عشرة أيام، فان قبضت بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف 90 وفي اليوم الثاني أصبح الدولار أكثر من 100، ما الافادة من ذلك؟".

ويشدد على "أننا اتخذنا القرار على مضض ومجبرون على المضي به، ونحن نعلم أنه ليس بقرار شعبي لكنه واقعي يحافظ على استمرار نقابة المحامين وديمومتها، وهذا الاجراء كان مشابهاً لقرارات اتخذتها نقابات أخرى مثل نقابة المهندسين، وهناك العديد من الأكلاف وكله بالدولار، فمن خلال هذا القرار لا نسعى الى تحصيل الثروات، بل من أجل أن يبقى مرفق العدالة يقوم بواجبه، فلم نعد قادرين على تأمين الخدمات بالليرة اللبنانية".

ويرى الخطيب أن "التصويب على نقابة المحامين في بيروت، لأنها تلعب دورها الوطني في هذه الأزمات ولأنها تنقي نفسها بنفسها، وهذا يأتي من بعض الأشخاص المستفيدين من جهات مشبوهة من الداخل والخارج غير المعتادين على أن تعمل نقابة المحامين وفق القانون وبعيداً عن الفوضى"، معتبراً أن "الحرية شيء والفوضى شيء آخر، الحرية ليست مخالفة النظام والقوانين بل هي ممارسة كل الحقوق ضمن القوانين والانضباط".

ويختم: "نحن مع الناس هكذا كنا وسنبقى، حملنا قضية تفجير 4 آب وقضية المودعين وهذا العمل الذي نقوم به من تلقاء أنفسنا من دون دعم خارجي لتمويل ذلك، فهم لا يريدون مرجعية قانونية جامعة تواجه الفساد. وتجدر الاشارة الى أن قراراتنا ليست اعتباطية أو عشوائية".

طعمة لانعقاد الجمعية العامة غير العادية
أما المحامي جاد طعمه وهو أحد المرشحين سابقاً لعضوية مجلس النقابة فيعتبر في اتصال مع "لبنان الكبير" أن "موضوع دولرة الرسوم كان مفاجئاً في توقيته لكنه متوقع نتيجة حاجة النقابة الى الموارد الاضافية لتغطية نفقات لا بد منها لتأمين الاستمرارية".

ويقول: "كثيرة هي الأمور الملحة التي يمكن معالجتها عبر الدعوة الى انعقاد الجمعية العامة غير العادية، وهو مطلب قديم جديد لطالما نادينا بوجوب تفعيله، وباعتماده لا يتحمل المجلس وحده مسؤولية اتخاذ قرارات يفرضها واقع التصدي للمسؤولية وهي غير شعبية، لكن الفكر التشاركي ضمن المؤسسات عموماً غائب لاعتبارات غير مفهومة ومن هذه المؤسسات نقابة المحامين في بيروت".

ويؤكد أن "اعتماد مبادئ الشفافية بالغ الضرورة من أجل خلق جو من الراحة بين صفوف المنتسبين حول مختلف المواضيع الحيوية"، مشيراً الى أن "هناك معاناة حقيقية اليوم في الحصول على الموارد لتأمين أساسيات المعيشة اللائقة، وهناك خلل لا يمكن أن يكون غائباً عن بال أي مسؤول نقابي ويرتبط بالتعاطي المالي مع الموكلين، وكل إجراء أو قرار يحتاج إلى الكثير من الحكمة والتبّصر لتحسس أوجاع الجسم المهني وهذا أمر جوهري من أجله وجدت النقابات".