أخبار ساخنة

هل تكون "الرياضة الروحيّة" للنواب المسيحيين نسخة طبق الأصل عن "لقاء دار الفتوى" للنواب السنّة؟


كتب كمال ذبيان
"الرياضة الروحية" التي دعا اليها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في الاسبوع الاول من نيسان، للنواب المسيحيين في دير عنايا، هي بمثابة جلسة تأمل والعودة الى الذات، والتضرع الى الله.
لكن السؤال الذي يُطرح على بكركي، هل سيتم فصل الدين عن السياسة، وعدم التطرق في "الخلوة الروحية" بأي شأن سياسي، لا سيما الاستحقاق الرئاسي، الذي يوليه البطريرك الراعي اهتماماً كبيراً، اذ لا تخلو عظاته، منذ ما قبل الشغور في رئاسة الجمهورية وما بعده، من دعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، الذي هو يمثل اولا طائفته المارونية، ويترشح على هذا الاساس، وبعد انتخابه يصبح رئيساً للبنان.
 
 
لم توضح بكركي بعد، ما هو الهدف من دعوة نواب وتحديداً المسيحيين منهم، اذ تقول مصادرها، بان البطريرك الراعي الذي لم يوفق بعقد طاولة حوار للقادة الموارنة وهم اربعة موزعين على "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"المردة"، لامتناع رؤساء هذه الاحزاب جبران باسيل وسمير جعجع وسامي الجميل وسليمان فرنجية، من الاتفاق على اللقاء في مقر البطريركية، كما حصل قبل ثماني سنوات، اذ اجمع هؤلاء على انتخاب واحد منهم، وهذا ما حصل مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، الذي ايده حزب الله، وتوصل الى "اتفاق معراب" مع جعجع وتسوية مع رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري.
فما جرى في العام 2016، لن يعاد تكراره في الانتخابات الرئاسية الحالية، لان "الفيتوات" متبادلة بين الاقطاب الموارنة، الذين لم تتمكن بكركي من جمعهم، فاتجهت الى لقاء موسع يشارك فيه كل النواب المسيحيين، ولاقت دعوتها قبولاً عند غالبية النواب، الا البعض ممن يسمون انفسهم بـ"التغيريين"، ويؤذيهم حضور "لقاء طائفي"، ومن بينهم نواب ينادون "بفصل الدين عن الدولة"، ويدعون "لدولة علمانية"، وهذا ما واجهه نواب سنّة، عندما دعت دار الفتوى الى لقاء لنواب الطائفة قبل اشهر للبحث بالاستحقاقات، لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية، فغاب بعض النواب "العلمانيين" عنه، ولم يخرج بتوافق حول انتخاب رئيس للجمهورية، سوى ضرورة حصوله وفي موعده الدستوري.
فهل تكون "الرياضة الروحية" للنواب المسيحيين، نسخة طبق الاصل عن "لقاء دار الفتوى" للنواب السنّة الذي ترأسه المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، والذي لم يصل المجتمعون فيه الى اتفاق؟ بالنسبة للنواب المسيحيين، فان المسألة تتعلق بمنصب رئيس الجمهورية الذي هو عُرفاً للموارنة، الذين ظهر منهم في هذا الاستحقاق عشرات المرشحين الذين يتداول باسمائهم، كما جرى الحديث عن ان لدى بكركي لائحة مرشحين، وحاول المطران ابي نجم جس نبض القوى المسيحية حولها، دون ان يطرحها بصفة رسمية، وفق ما تكشف مصادر نيابية التقاها موفد الراعي، الذي عليه ان ينتقل من "الرياضة الروحية" الى "الماراتون الرئاسي"، وسيطرح هذا الموضوع في اطار البحث عن حل، يتقدم به "الرياضيون الروحيون" الى "شركائهم" في الوطن، كما يفعل "الثنائي الشيعي" في انتخابات رئاسة مجلس النواب، وهو ما لا ينطبق على رئاسة الحكومة، التي كان يصل اليها احيانا مَن لم يحوزوا على رضى "المرجعية السياسية والروحية" للطائفة السنية، كما حصل مع رؤساء حكومات سابقين قبل الطائف وبعده، والأقرب كان نجيب ميقاتي في العام 2011، وحسّان دياب في العام 2020.
ولم يتم وضع عنوان او جدول اعمال "للرياضة الروحية"، فهل ستكون رئاسة الجمهورية بنداً واحداً يتأمل فيه المدعوون منها؟ ومن هو المرشح الماروني الذي يحظى بموافقة مسيحية واسعة؟ وفق ما تسأل جهات سياسية ونيابية متعددة، التي تتطلع الى هذه الخلوة الروحية وما سيصدر عنها من توجهات، حيث لا تعوّل مصادر نيابية كثيراً على ما سيحصل في "دير عنايا"، الذي سيكون المجتمعون فيه امام اسمين مرشحين هما ميشال معوض وسليمان فرنجية، الاول خاض 11 جلسة انتخاب ولم يحصد سوى 46 نائباً وتراجع الى 36 صوتاً، والبعض ككتلة "اللقاء الديموقراطي" طرحت ثلاثة اسماء، ومعوض ليس من بينهم، في وقت جاء ترشيح فرنجية من الرئيس نبيه بري ودعمه حزب الله، في حين ان "التيار الوطني الحر" رفض ترشيح فرنجية وقائد الجيش جوزاف عون، مما يعني بان ما يجري مع الاستحقاق الرئاسي من صراعات ومناوشات وتبادل اتهامات، لن يكون ميسراً حله في "الرياضة الروحية"، التي على من يحضرها ان يتحلى "بالروح الرياضية"، ويقدم مصلحة لبنانعلى المصلحة الفردية والفئوية والجهوية، في وقت يشهد العالم تطورات متسارعة من حروب وتغير في التحالفات و"الجغرافيا السياسية"، وما حصل من اتفاق بين السعودية وايران برعاية الصين، هو مؤشر الى تبدلات تحصل في الاقليم الذي يشهد لقاءات بين متخاصمين ومتحاربين من دول المنطقة، يستدعي حواراً لبنانياً حول مصير لبنان.
 
ففي العلاقات الدولية والاقليمية، تجري مراجعات، لسياسات، وتحصل قراءة للمتغيرات وتتبدل تحالفات، وتتم عمليات "ربط نزاع" او "فك اشتباك"، فهل ستطرح في "الرياضة الروحية" اسئلة تبدأ بالوجود المسيحي في لبنان كما في المشرق، وما اذا كانت الدعوات للتقسيم او "الفدرالية" هو من تترك المسيحيين يعيشون في "كانتون آمن"، وهي تجربة كانت مؤلمة، وفق ما يطرح باحث سياسي، ويسأل عن جدوى "الرياضة الروحية"، اذا كانت من دون روح رياضية وتسامح وتنازل.