أخبار ساخنة

وزير الثقافة في تكريم فريدريكو مايور :عمل دائما لأن تكون منظمة اليونسكو في خدمة السلام سفير اسبانيا: كرس حياته للسلام والعدالة والكرامة الإنسانية



- نظمت جامعة "اللاعنف وحقوق الانسان" وسفارة اسبانيا، بالتعاون مع وزارة الثقافة، ومشاركة المكتب الاقليمي لمنظمة اليونسكو في بيروت، لقاء، في مقر المكتبة الوطنية، بعنوان: "تحية الى المدير العام لاسابق لمنظمة اليونسكو فريدريكو مايور زارغوزا"، في حضور وزير الثقافة غسان سلامة ، الرئيس تمام سلام، سفير اسبانيا  خيسوس سانتوس إغوادو، سفيرة  فرسان مالطا ذات السيادة ماريا  ايمريكا  كورتيز، مدير  المكتب الاقليمي لمنظمة اليونسكو في لبنان بابلو فونتاني، القاضي زياد شبيب، هيثم الصياد ممثلًا محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، مؤسسة جامعة "اللاعنف وحقوق الانسان" الدكتورة اوغاريت يونان، رئيسة الجامعة الدكتورة الهام كلاب الى جانب الهيئة التعليمية وطلاب الجامعة، وحشد من الفاعليات الثقافية وممثلين عن المجتمع المدني.

استهل اللقاء بكلمة مصوّرة Video – بالفرنسيّة ومترجمة إلى العربيّة كلمة عفويّة سجّلها السّيد مايور وأهدافها إلى الجامعة في 2 أكتوبر 2018 بمناسبة احتفالها الأول في بيروت ب"اليوم العالمي للّاعنف "وب "اليوم الوطني لثقافة اللاعنف في لبنان" الذي كان مجلس الوزراء أقرّه منذ أكتوبر 2016 بمبادرة من الجامعة آنذاك وبالتعاون مع وزارة الثقافة.

أبرز ما جاء فيها :"عزيزتي أوغاريت يونان، أشكركِ على كلّ الجهود التي بذلتِها وما زلتِ تبذلينها اليوم من أجل اللاعنف، من أجل العيش المشترك، من أجل التآخي الإنساني، من أجل الكرامة المتساوية، ومن أجل أن نكون — منذ الآن ودائمًا — فاعلين لا متفرّجين. اليوم في بيروت — نعم، بيروت تُلهِم — لأنّه حين نكون في بيروت نشعر فعلاً أنّ العيش المشترك ممكن، وأنّ التآخي الإنساني ضرورة. فالعيش معًا هو واجبنا الأكبر. وعندما نرى جراح بيروت، نشعر في الوقت نفسه بتلك القوة التي تدفع نحو العمل من أجل الكرامة المتساوية لكلّ إنسان، ومن أجل ثقافة السلام واللاعنف. نفهم أننا أمام لحظة انتقالية حقيقية: لننتقل من ثقافة الهيمنة والعنف والكراهية... إلى ثقافة الإصغاء، والحوار، والمصالحة، وبناء التحالفات، والسلام. وفي هذا اليوم العالمي للّاعنف، وأنتِ في بيروت، أودّ أن أعبّر لكِ — وباسم كلّ من يحيط بك اليوم — عن كامل دعمي، وأن أقول إنّني آسف لعدم وجودي معكم حضورًا. قلتُ لكِ في اتصالنا الهاتفي إنّني موجود لكنّني 'غير مرئي'... ومع ذلك، محبّتي لكم جميعًا. أرى أن لحظة العمل قد بدأت. علينا جميعًا أن نفعل ما نستطيع، كلّ يوم، كلّ يوم، من أجل بناء تعدّديّة ديمقراطيّة حقيقيّة. لم يعد ممكنًا أن نبقى خاضعين لحُكم مجموعات تتحكّم بمنطق بلوتوقراطي وأوليغارشي. علينا أن نعزّز التعدّديّة، وأن نقوّي الأمم المتّحدة — هذا الإطار الاستثنائي الذي يحتاج اليوم إلى دعم أكبر — في مواجهة فشل القيادات العالميّة في حماية استدامة الحياة على الأرض".

سلامة

وتطرق سلامة في كلمة له بالمناسبة الى معرفته الشخصية مع مايور الذي عمل دائما لان تكون  منظمة اليونسكو في خدمة السلام، وقال: "فريدريكو مايور كان أستاذ مادة الكيمياء  في عدة جامعات في إسبانيا ثم أصبح رئيس جامعة، وبعدها وزير التعليم في بلاده، إسبانيا.   أُركّز على ذلك للقول  بأن  الحياة الجامعية كانت مهمة بالنسبة له، وأشكره — ولو بعد وفاته — على أنه اتخذ المبادرة الكبيرة بعقد المؤتمر العالمي للتعليم العالي في بيروت عندما كان مديراً عاماً  في اليونسكو، وكانت زيارته الأولى إلى هذه المدينة.  ثم كان في اليونسكو حيث أمضى ولايتين طويلتين، وفي كلا الولايتين اشتهر بحبه لدفع المنظمة الدولية، اليونسكو، في خدمة السلام.   لذلك هو الذي أطلق مبادرة "ثقافة من أجل السلام" التي كنت عضواً في لجنتها الاستشارية لفترة أعوام . لكن طرقنا التقت فعلاً بعد ذلك عندما  كنت أعمل مستشاراً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وتقدّمت كل من إسبانيا وتركيا بمشروع لإنشاء منظمة جديدة كان سيصبح اسمها لاحقاً "تحالف الحضارات"، وكان فيديريكو مايور في حينها رئيس اللجنة الاستشارية العليا التي تهيّئ لبناء هذه المنظمة الجديدة ولقد اجتمعنا مراراً مع تلك اللجنة في مكتب الأمين العام كوفي انان ، ورأيت حماسته الفائقة، بالذات لإقامة نوع من تفاهم عميق بين الدول التي هي ذات تراث مسيحي، والدول التي هي  ذات تراث اسلامي في واقع الحال" .

وتابع: "كان هذا الأمر مهماً انذاك، لأننا كنا في عزّ الأزمة التي أنشأتها او دفعت  اليها ازمة  صور الرسول ، التي قسّمت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقريباً إلى قسمين.وتعاونّا معه لمحاولة تجاوز تلك الأزمة التي نشأت بسبب الكاريكاتير الذي نُشر في الدول الإسكندنافية، والذي كان يمسّ الرسول العربي. لذلك وجدت عنده وقتها قدرًا هائلًا من التفهم العميق للأديان الأخرى، واهتماماً كبيراً للتركيز على الأسس الثقافية للعنف واللاعنف. وقد أمضى ما تبقى من حياته داعياً إلى اللاعنف وداعيا الى السلم ، وأنشأ من أجل ذلك عدداً من المؤسسات التي آمل أن تعمر وتبقى فعّالة بعد رحيله.  توفي فيديريكو مايور في عزّ الحرب هنا في لبنان، وبالتالي ربما اننا  لم نقم انذاك بما يجب لتكريمه.  لذلك أشكر جامعة اللاعنف والسفارة الإسبانية على أخذ المبادرة التي رحبنا بها، واستضفناها هنا بكل حماس لتكريمه سنة بعد وفاته".

سفير اسبانيا

والقى السفير أغوادو كلمة قال فيها: "لقد مثّل فيديريكو مايور ثاراغوثا ما تطمح إسبانيا لأن تكون عليه في العالم: دولة متمسكة بعمق بالسلام، بالكرامة الإنسانية، بالثقافة، بالمعرفة وبالتعاون الدولي. يعود التزامه السياسي إلى السنوات الأولى للديمقراطية الإسبانية، حين كان بلدنا يعيد بناء مؤسساته ويضع أسس مجتمع منفتح، حديث ومتضامن. وبصفته وزيرًا للتربية والعلوم، شارك بنشاط في هذا المسار التاريخي، مؤمنًا بأن التعليم هو الركيزة الأساسية لجميع الحريات. وقد بقي هذا الاقتناع الخيط الناظم لكل عمله اللاحق. كان فيديريكو مايور ثاراغوثا إسبانيًا عالميًا، مرتبطًا بعمق بالعالم العربي وبحوض البحر المتوسط الذي يجمعنا. ولعلّه كان سيبتهج بالاستراتيجية الجديدة للمتوسط التي اعتمدت مؤخرًا خلال اجتماع الاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، وكذلك بقرار إعلان مدينتي قرطبة وصيدا عاصمتين متوسطيتين للثقافة عام 2027 ضمن مبادرة مشتركة مع مؤسسة آنا ليند. يندرج إرث فيديريكو مايور ثاراغوثا ضمن تقليد إنساني إسباني طويل، لكنه يجد في لبنان صدىً خاصًا، لأن مشروعه الفكري والأخلاقي — الدفاع عن السلام عبر التعليم والعلم والثقافة — يتطابق تمامًا مع ما لطالما مثّله لبنان: مجتمع متعلّم، مبدع، متجه نحو المعرفة رغم الجراح والتحديات. وكان يردد كثيرًا: «السلام ليس صمت الأسلحة، بل صوت التعليم.» واليوم، هنا في لبنان، أرض الصمود والثقافة، تحمل هذه الكلمات قوة خاصة. إنها رسالة ثمينة للبنان وللمنطقة. واليوم، في مواجهة الأزمات المتعددة التي تمرّ بها المنطقة — عدم الاستقرار، تصاعد خطاب الكراهية، تراجع التعددية، التحديات المناخية، وانعدام المساواة — يكتسب إرثه أهمية جديدة".

وتابع: "لقد رفض فيديريكو مايور ثاراغوثا الاستسلام لليأس. كان يؤمن بقدرة الشعوب على النهوض والإبداع وتحويل واقعها. وهذا بالضبط ما يبرهنه لبنان منذ عقود: قدرة فريدة على إعادة البناء، وعلى الحفاظ على التعايش، وعلى إعطاء الأولوية للتعليم حتى في أصعب اللحظات. إن تكريم فيديريكو مايور ثاراغوثا ليس مجرد استذكار لإسباني عظيم. إننا نحتفي برجل كرّس حياته للسلام والعدالة والكرامة الإنسانية."

فونتاني

بدروه، تحدث فونتاني عن تجربته وانخراطه في موضوع ثقافة السلام ودور مايور في ذلك، وقال: "من المثير جداً بالنسبة لي أنني بدأت العمل في اليونسكو على  موضوع ثقافة السلام. كنت شاباً جداً عندما بدأت العمل على التربية على سيادة القانون، وفجأة وجدت نفسي منجذباً إلى فكرة ثقافة السلام. وفكرة ثقافة السلام لدى فيديريكو مايور كانت أحد العناصر التي جذبتني بشدة إلى هذا المسار. لم يكن الأمر سهلاً، لكننا نجحنا في ذلك. وأود أن أقول إن رسالة فيديريكو مايور ما تزال اليوم ذات صلة كبيرة. كما قال السفير: السلام ليس غياب الحرب. أعتقد أنني سمعت هذا القول من فيديريكو مايور عشرات المرات. كانت الفكرة الأساسية لديه أن السلام بناءٌ مستمر، ليس مجرد غياب الحروب، بل أن البشر، شيئاً فشيئاً، يدركون أن السلام هو الحل الوحيد وهو السبيل الوحيد للعيش. ولسوء الحظ، نحن اليوم بعيدون جداً عن ذلك".

وتابع: "أعتقد أن فيديريكو مايور، إضافة إلى ثقافة السلام، قدم أفكاراً أخرى مهمة جداً في تلك الفترة، مثل برنامج ذاكرة العالم الذي لا يزال مهماً جداً بالنسبة لنا. وكان يعطي أهمية كبيرة أيضاً لحرية التعبير، والتي اعتبرها مرتبطة بشكل وثيق بالقدرة على الحديث عن السلام— أي القدرة على قول الحقيقة، والتمتع بحرية الكلام. كما أن تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات كان بالنسبة إليه أمراً أساسياً، وما يزال اليوم بالغ الأهمية. وقد قيل سابقاً، وفيديريكو مايور نفسه كرره مراراً، إنه كان مرتبطاً جداً بلبنان، وكان يحب لبنان كثيراً، وقد زاره مرتين. وأعتقد أن ما ترك أثراً لديه خلال هذه الزيارات هو أنه كان يقول دائماً إن لبنان ليس بلداً مهماً للبنانيين فحسب، ولا لهذه المنطقة فقط، بل إن غناه الثقافي و مثاله في العيش المشترك بين الثقافات والأديان يجب أن يكون نموذجاً لبقية الدول، ليس في المنطقة فقط، بل في العالم كله".

يونان

واعربت يونان عن شكرها لكل من شارك في لقاء اليوم تحية الى فريدريكو مايور، والتحيّة لشركاء جامعة اللاعنف  في "مؤسّسة ثقافة السلام" التي أسّسها مايور في مدريد، وقالت: "يسرّني أن أكون هنا مع أسرة الجامعة، الأعزاء، وأحبّ أن أهدي الطالبات والطلاب تحيّة خاصّة فهُم وهنَ هديّة اللاعنف للبنان والمنطقة. فديريكو مايور. رئيس المجلس الاستشاري العالمي في جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان AUNOHR. قبل رحيله بأيّام، أرسل بطاقة معايدة، كعادته كلّ سنة، وفيها قصيدة حياة؛ شخصيّة فذّة. صاحب رؤية للتغيير السِلمي. جمع بين العِلم والأخلاق والسياسة، الثلاثة معًا، بشجاعة مُبهرة في المواقف، وهو الشاب الجميل الشغوف بالحياة يومًا بيوم. أطلق مصطلحات ومبادرات رائدة، نجح في أن تصبح نافذة للعالم أجمع، وذلك بموجب قرارات أولى من نوعها في الأُمم المتّحدة وفي العالم، ومعظمها لم يكن إقراره سهلاً بل بفعل مواجهة مع كبار أصحاب النفوذ... نذكر من هذه المصطلحات والمبادرات: "التربية للجميع" وبالأخصّ في البلدان النامية، "التربية على السلام"، "بناء السلام كثقافة"، "عشريّة اللاعنف" الأولى في الأُمم المتّحدة وفي العالم (2001-2011)، "بيان إشبيلية للعلماء عن العنف"...في السنوات العشرين الأخيرة من حياته ناضل كي تنبع القرارات الأُمميّة من الشعوب ولَها، ووضع نصًّا لتعديلٍ جوهري من أجل إلغاء أحاديّة القرار، في الأمم المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي، وجمع شخصيّات من أنحاء العالم لهذه الغاية...".

وتابعت: "نحن نحيي ذكرى إنسان جمعتنا به حريّة الفكر، وقضايا عديدة بينها إلغاء عقوبة الإعدام، والعدالة لفلسطين، واللاطائفيّة في لبنان، والعدالة الاجتماعيّة في كلّ مكان، وتحرّر الشعوب من الاستعمار والهيمنات...نحيّيه، ومن خلاله نحيّي موقف إسبانيا في إدانة الإبادة في غزة والعدوان المتواصل في الضفّة وكامل فلسطين. لقد التقينا في ثقافة اللاعنف. واللاعنف هو فلسفة واستراتيجيا، قيمٌ جذريّة وفعلٌ شجاع بتخطيط واحتراف. نحن لسنا أمام إمّا العنف وإمّا الرضوخ أو السِلم المساير الباهت حيث يبقى الجرح في هدنة مستعارة. لدينا خيار اللاعنف، مقاومة مدنيّة من أجل العدالة والحقوق، تحوي آلاف الطرائق والاستراتيجيّات وتجارب الشعوب الخلاّقة، لذا لا نستعجل ونقول إنّ هذا لا ينفع أو هو ضعفٌ أو وَهمٌ... غاندي أطلق على أول كتاب له عنوان "مقاومة لاعنفيّة"؛ وليد صلَيبي أعطى أحد أبرز كتبه عنوان "نعم للمقاومة لا للعنف". مقاومة الظلم حقّ، على أن تكون لاعنفيّة. وليد صلَيبي مؤسِّس الجامعة والمفكِّر اللاعنفي، رفيق العمر لأربعين سنة، رحل منذ عامين ونصف. والجامعة تكمل دربها، مع تراثه الحاضر دومًا في فكره وفي الإنسان الذي كان... إنّها AUNOHR، كلّية جامعيّة معترف بها رسميًّا منذ سنة 2015، أوّل مؤسّسة تعليم عالٍ من نوعها في لبنان والمنطقة، اعتبرتها اليونيسكو "فريدة في العالم". تمنح شهادات ماستر ودبلوم في اختصاصات متنوّعة، في التربية اللاعنفيّة، ومسرح حقوق الإنسان، والإعلام والتواصل اللاعنفي، والنزاع والوساطة، واستراتيجيّات العمل المدني، والمواطنة، إلخ. وإذا أردنا أن نفهم لماذا هذه الجامعة، علينا أن نرى طلابها والأثر في حياتهم على المستوى الذاتي والمهني وفي التغيير المجتمعي، من سوريا وفلسطين والعراق وكردستان ومصر والأردن ولبنان، وقد عبّروا عن هذا الأثر بأنّه "نقطة مفصليّة"... طلاب تغيّروا وغيّروا".

مؤسسة ثقافة السلام

وقالت مديرة "مؤسّسة ثقافة السلام" في مدريد – إسبانيا، التي أسّسها فديريكور مايور زارغوزا سنة 2000 بكلمة مصورة بالفيديو: "شكرًا جزيلًا على دعوتي. إنه لشرف كبير لي أن أشارك في هذا الحدث تكريمًا لأستاذي العزيز، ومرجعي وملهمي، فيديريكو مايور زاراغوزا، وأن أكون معكم اليوم في هذا الصرح الثقافي، المكتبة الوطنية اللبنانية. بالنسبة لرجل يعشق الكتب كما كان هو، لا يوجد مكان أنسب لتكريمه من هذا المكان. والشكر الكبير للمكتبة الوطنية على استضافة هذا الاحتفال. أتى هذا التكريم بمبادرة من صديقته العزيزة أوغاريت يونان، الذي ربطته بها علاقة مميّزة، وتقاسم معها رؤىً وأحلامًا وعملًا مشتركًا نحو عالم آخر ممكن، عالم خالٍ من العنف، تسوده كرامة الإنسان، والعدالة، والسلام؛ وذلك عبر "مؤسّسة ثقافة السلام"، وعبر جامعة AUNOHR التي تقوم فلسفتها على أن "التربية ليست إعدادًا للحياة؛ التربية هي الحياة نفسها".

واضافت: "هي الفلسفة ذاتها التي كان يؤمن بها البروفيسور مايور زاراغوزا، الذي دافع دائمًا عن التعليم بوصفه حجر الزاوية، الذي يُمكّننا من تجاوز كوننا أفرادًا فحسب، لنصبح أشخاصًا بكلّ ما للكلمة من معنى؛ أي مواطنات ومواطنين يساهمون في المجتمع، قادرين على البحث عن الحقيقة والتعبير عنها، وعلى العمل من أجل أن تحظى المجتمعات والشعوب بحياة أفضل. ولهذا كانت من أبرز مبادراته في اليونسكو ترسيخ مبدأ "التعليم للجميع ولمدى الحياة. إن التزامه العميق بالكرامة المتساوية لكلّ البشر، وإيمانه بقدرة التعليم وقوّة الكلمة على التغيير، جعلاه يكرّس حياته للآخرين: للدفاع عن حقوق الإنسان، وعن الديموقراطيّة، والتضامن العالمي، والحوار بين الثقافات، والسلام، وللتنديد بجميع الحروب وكافة أنواع العنف والظلم. وانطلاقًا من هذا الالتزام، ومن تلك القناعة الراسخة بالمبادئ التي دافع عنها، عمل منذ وصوله إلى اليونسكو عام 1987 على إعادة المنظمة إلى خدمة مهمتها الأصلية: بناء السلام كثقافة. أي تحويل الثقافة بكلّ أبعادها ومجالاتها من أجل تعزيز السلام، في العقول والمواقف والسلوكيات، من خلال السياسات العامة والمبادرات الفردية والجماعية، وبالاستناد إلى أدوات التربية والثقافة والعلوم والتواصل. إذ كان يؤمن بأنّ نشاط العقل البشري هو الطريق نحو مستقبل أكثر تسامحًا وتحضّرًا. وخلال فترة رئاسته لليونسكو، وُجّهت أعمال المنظمة وبرامجها نحو هذا الهدف: "إنّ تعزيز ثقافة السلام يشكّل هدفًا محوريًا وجوهريًا من أجل الانتقال من ثقافة العنف والحرب إلى ثقافة الحوار والسلام. ومن موقعه في اليونسكو أيضًا، دفع نحو اعتماد إعلان عالمي وبرنامج عمل ثقافة السلام واللاعنف، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1999. وعندما عاد إلى إسبانيا عام 2000، أنشأ "مؤسسة ثقافة السلام" ليواصل العمل الذي بدأه في اليونسكو لتعزيز ثقافة السلام واللاعنف. وقد فعل ذلك بعزم لا يلين، ناشرًا الأمل في الإنسان، داعيًا إلى الحوار والتفاهم وبناء الجسور بين الثقافات والحضارات. وفي كل مجال خاضه، دافع البروفسور مايور زارغوزا عن مفهومٍ للسلام، لا يقوم على مجرّد غياب الحرب أو أيّ شكل من أشكال العنف، بل على موقف راسخ قائم على قيم العدالة الاجتماعية، واحترام الحياة، والكرامة المتساوية لكلّ البشر".

وكانت الاعلامية السا يزبك شراباتي قدمت اللقاء، حيث قالت: "إذا أردنا أن نضع حدّاً للنزاعات فعلينا أن نستثمر أقل في الحروب وأكثر في ثقافة السلام"، هذه المقولة لفيديريكو مايو تختصر وحدها مجمل فكره. ففي الحقيقة، إن خلاصة عمل حياته كلها يمكن تلخيصها بكلمتين: ثقافة السلام. كانت هذه الكلمات بالنسبة إليه المفتاح السحري الذي يفتح جميع الأبواب".

اضافت: "هو الذي  أطلق برنامجه الشهير ثقافة السلام، ثم أسّس مؤسسته التي حملت الاسم نفسه عام 2000. ومن هناك بدأ كل شيء، ومن هنا وُلدت تلك العلاقة المتينة مع جامعة Honor، أول جامعة تُعنى باللاعنف وحقوق الإنسان في لبنان والمنطقة. وقد حظيت جامعة Honor بشرف تقديم فيديريكو مايو باراغوثا إلى المجلس الدولي للإدارة في الجامعة. وعلى الرغم من رحيله قبل عام، فقد أمتعنا، وعلّمنا، ولا يزال يرافقنا كل يوم".

وتخلل اللقاء عرض فيديو لاغنية "تخيل"من اطفال فويس كيدز.