
والقى الدكتور الصمد كلمة بالمناسبة، شدد فيها على إن "تعزيز مكانة الخط العربي في مؤسساتنا الأكاديمية ليس ترفًا ثقافيًا، بل هو واجب تربوي، يربط طلاب جامعاتنا بجذورهم ويعزز فيهم الاعتزاز بهويتهم وبلغتهم الأم".
وقال: "يسعدني أن أعود اليوم لأشارككم من جديد في هذه المناسبة المميزة التي نحتفي فيها بأحد أهم عناصر هويتنا الثقافية والحضارية: الخط العربي، ولأشهد على استمراريتها واستدامتها، الامر الذي ما كان ليحصل لولا تطور الخط العربي المستمر عبر العصور. لقد تسنى للخط العربي أن يكون لغة القرآن، وهو بالإضافة إلى ذلك لعب دورًا محوريًا في توثيق العلوم والمعارف على مر العصور".
واعتبر ان "الخط العربي ليس مجرد وسيلة للكتابة، بل هو فن راقٍ يتميز بتنوع الخطوط (النسخ والرقعة والكوفي والديواني وغيره) كما انه يتميز بالدقة والمرونة مما يعكس جمال اللغة العربية وروحها. ويتجلى الطابع الجمالي للخط العربي في العمارة الإسلامية وفي جمال الزخارف والاشكال الفنية التي يتم تكوينها من خلال الحروف والكلمات"، مضيفا: "في ظل التطور التكنولوجي، وفي زمن الذكاء الاصطناعي قد يظن البعض أن الخط العربي فقد مكانته وأن أهميته قد تراجعت وأن الحاجة اليه قد انتفت، لكن الحقيقة أن قيمته الجمالية والفكرية والروحية باقية، بل إن الاهتمام به يتجدد اليوم من خلال مبادرات تعليمية، ومعارض فنية، وتطبيقات رقمية تسعى إلى إحيائه بأساليب عصرية. ومن ضمن هذه المبادرات هي المبادرة التي قادتها المملكة العربية السعودية والتي كنا في لبنان جزءاُ منها حيث تم عام ٢٠٢١ تسجيل عنصر "الخط العربي" على قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو".
وقال: "ان تعزيز مكانة الخط العربي في مؤسساتنا الأكاديمية ليس ترفًا ثقافيًا، بل هو واجب تربوي، يربط طلاب جامعاتنا بجذورهم ويعزز فيهم الاعتزاز بهويتهم وبلغتهم الأم. لذلك نحن في وزارة الثقافة نحرص على رعاية هذا الفن، ودعم المبادرات التي تسعى لتطويره، ونقله للأجيال القادمة، لأنه مرآة لحضارتنا، وشاهد على إبداعها وتطورها. وفي طليعة هذه المبادرات تأتي جائزة منى حداد يكن في جماليات الخط العربي، التي تنظمها جامعة الجنان منذ سنوات عديدة بجهود ادارة الجامعة وعميد كلية الآداب والعلوم الانسانية الدكتور هاشم الايوبي والدكتور جمال نجا رئيس لجنة التحكيم"،
وختم الصمد موجها التحية الى وزير الثقافة "تقديرا لهذا الجهد الكبير الذي تقومون به وتمنياته لجامعتكم الزاهرة بدوام التوفيق والنجاح سواء في المجال الاكاديمي التربوي او في المجال الثقافي والابداع".
الايوبي
بدوره قال الدكتور الأيوبي في كلمته: "لماذا جماليّات الخطّ العربيّ ولماذا جائزة منى حدّاد يكن في جماليّات الخطّ العربي، أمّا لماذا الخطّ العربيّ بجماليّاته وفنونه؟ فلأنّه يشكّل المحور المضيء في الثقافة العربيّة التي نؤمن بأنّ المحافظة عليها ورعايتها وتطويرها من أولويّات جامعة الجنان وفي أساس رسالتها . هذا الحرف الّذي شرّفه الله تعالى بنزول القرآن به، وشرّفه بالقسَم به: نون والقلم وما يسطرون. وأكّد سبحانه أنّه وسيلة نشر العلم : الّذي علّم بالقلم أي بالكتابة وأساسها الحرف ) علّم الإنسان ما لم يعلم".
أضاف: "عن طريق هذا الحرف انتشر القرآن الكريم بين جهات الأرض كافّة وانتشر معه سيلٌ من علوم في مختلف المجالات والميادين. ولم يقتصر ذلك على العالم الإسلاميّ، بل امتدّ نوره إلى كلّ الشعوب والبلدان، لأنّ القرآن الكريم نزل هداية للبشر أجمعين. وهكذا حمل الحرف العربيّ هذه العلوم إلى أصقاع الأرض. شعرتُ بزهوٍ كبير عندما قرأت شهادة الدكتوراه للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط مكتوبةً بالعربيّة ومعلّقة في بهو جامعة إرلانجن – نورنبرغ بألمانيا. كان إعطاؤه الشهادة بالعربيّة تكريماً لأنّها كانت لغة العلوم والفكر الإنسانيّ. والأمر نفسه، عندما سألت المستشرق الألمانيّ الكبير فيشر : كيف بدأ رحلته مع الاستشراق والثقافة العربيّة والإسلاميّة ، فقال إنّه كان في الرابعة عشرة من عمره، وشأنه يومذاك شأن كلّ الجيل الألماني في هذا العمر أن يكون منتسباً لشبيبة هتلر. وكان قد وُضع في أذهانهم أنّ الثقافة الجرمانيّة هي أرقى الثقافات وأنّ جماليّاتِها أسمى الجماليّات. حتّى كان مرّةً في إحدى مكتبات نورنبرغ التي كانت ذلك الحين عاصمة النازيّة ، ووقع نظره في كتاب على خطّ شدّ انتباهه لجماله ووحدة حروفه ، وعلم أنّه الخطّ العربي . منذ تلك اللحظة ارتسمت خطوط جديدة لمسار رحلة العمر الطويلة التي قضاها ، غير نادم، بين الكتب العربيّة ومنابع الثقافة العربيّة والإسلاميّة".
وقال الايوبي: "هل كثير علينا، أن نجعل من الخطّ العربيّ أحد أبرز اهتماماتنا وأهمّ أهداف رعايتنا؟ ثمّ إنّ هذا الحرف أغرى الفنانين الذين وجدوا فيه مادّة يعرّش بها الحرف صوراً وأشكالاً ذات دلالات وأبعاد جمالية ورمزية ساحرة. هذه الظاهرة التي سمّيت حروفيّة أثارت حُماة الخطّ التاريخيين، إمّا حرصاً على الخطّ وفنونه وإمّا غيرةً من أصحاب الحروفيّة الذي كرّسوا هذا الفنّ وكرّسوا حضوره الجميل. وقد شاهدتُ في مقرّ اليونيسكو بباريس معرضاً لخطّاط صينيّ مسلم هو الحج نور الدين يكتب الحرف العربيّ على الطريقة الصينية المجدولة، بفنٍّ أثار إعجاب الحاضرين بكلّ جنسيّاتهم" .
وتابع: "أمّا لماذا : ( جائزة منى حدّاد يكن في جماليّات الخطّ العربيّ) فلأنّ المؤسٍّسة، رحمها الله، كانت تُدرك قيمة هذا الحرف بكلّ أبعاده ، وجعلت منه شعاراً للجنان : نون والقلم ، وأكرمْ به من شعار. وكانت، رحمها الله، تشرف كلّ سنة على مسابقة في الخطّ العربيّ وجمالياته. كنتُ يومها عميداً لمعهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانيّة، وكانت تدعوني لإلقاء كلمة في كلّ حفل لتوزيع الجوائز . وعندما تشرّفتُ بمسؤوليّة عمادة كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في جامعة الجنان، كان في طليعة جدول برنامج عملي المحافظة على هذا النشاط الذي بدأته الرئيسة المؤسسة، رحمها الله ، وأن تُكرّس (جائزة منى حّاد يكن في جماليات الخط العربي) ، وفاءً للرئيسة المؤسسة واستمراراً في المسيرة التي حملت أعباءها وتأكيداً على ما يحمله الحرف العربيّ من أبعاد دينيّة وحضاريّة وجماليّة".
وقال: "أردنا هذه المسابقة على مستوى جامعات لبنان، وكانت كذلك لعدّة سنوات، ثمّ فرضت ظروف البلاد اقتصارها على طلاب الشمال والانقطاع سنة واحدة. لكننا اليوم كلّنا إرادة وإصرار على إعطاء هذه المسابقة – الجائزة البُعد الذي أردناه سابقاً وعملنا على تحقيقه، وسنعمل بإذن الله على استمراره . كما سنعمل بتوصية لجنة التحكيم بأن تكون المسابقة السنة القادمة على ثلاثة مستويات: المستوى الثانوي والمستوى الجامعي ومستوى الخطاطين خارج الإطار التعليمي ولسنٍّ معيّنة. كما يكون هناك أسبوع الخط العربي تُجرى فيه ورش تدريب وتعريف بالخطاطين الرواد ومعارض لأعمالهم وأعمال المشاركين، بحيث يكون هناك معرض دائم للوحات الخط العربي".
وأردف: "أمرٌ آخر أبوح به اليوم . ففي أحد معارض الخطّ العربي التي كان معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية يقيمها في بيت الفن والرابطة الثقافية ، أبدت المؤسسة رحمها الله رغبتها في استضافة بعض كبار الخطاطين في الجنان، ووعدتُها بذلك. لم أنس الوعد بعد رحيلها، ودعوتنا للفنان والخطاط الموسوعي الدكتور أحمد المفتي كانت تحمل هذا المضمون، بما سيظهر لنا من خلال اللوحة والصورة جماليات هذا الخطّ العربيّ. من هنا كان انزعاجنا كبيراً لعرقلة دخوله ، مع أننا أجرينا كلّ ما هو مطلوب في سبيل ذلك. إنها الحدود، مأساة الأمّة كلّها".
وختم الايوبي: "شيء أخير ، لم يفارقني منذ سنوات، واليوم أطمح بتحقيقه، وفي سدّة المسؤولية صديقنا الحبيب وموضع ثقتنا سعادة المدير العامّ لوزارة الثقافة الدكتور علي الصمد . أطمح إلى تأسيس( الملتقى الدائم لرعاية الخطّ العربيّ وفنونه ) يكون مقرّه في جامعة الجنان ، يلتقي فيه فنانو الخط العربي وحُماته في الوطن العربيّ وخارجه، لإعطاء هذا الخطّ وفنونه وجمالياته ما يستحقّ من رعاية ومن أبعاد ثقافية وحضاريّة. وهذا في صلب الرسالة التي أرادها المؤسسون لجامعتنا ، جامعة الجنان".
وتحدث عضو لجنة تحكيم الجائزة الدكتور جمال نجا باسم اللجنة عن آلية اختيار الفائزين. وكان عرض لكتابات الدكتور احمد المفتي عن الخط العربي والفائزون هم:
فئة الجامعيين: 1- أماني هوشر، 2- آية يحيى، 3- جرناس كزبور
جوائز ترضية: 1_ فواز عبيد، 2- عبدالله قدور
فئة الثانويين: 1-محمد يحيى الجاسم، 2- شيماء شطح، 3-لين قدور.