تحقيق أميمة شمس الدين
وطنية - منذ بدء الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب واستهدافه بقنابل الفوسفور الأبيض انتشرت الكثير من الأخبار حول تدمير المحاصيل الزراعية ولا سيما الزيتون وتلف التربة، هذه الأخبار، زادت هماً على هموم الجنوبيين الذين يتعرضون للقتل الجماعي في ابشع وجوه الحروب في العالم فضلاً عن الدمار الهائل لمنازلهم لتضاف إلى خسائرهم خسارة مواسمهم الزراعية سيما مواسم الزيتون التي تشكل مصدر رزق لعدد كبير من الجنوبيين.
عن هذا الموضوع و مدى الضرر الذي يسببه الفوسفور الأبيض أوضح مستشار وزير البيئة ومدير مختبرات البيئة والزراعة والغذاء في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور محمد أبيض في حديث إلى "الوكالة الوطنية للاعلام" أنه "عند احتكاك الفوسفور الأبيض مع الأوكسجين في الهواء يشتعل تلقائياً و هذا الاشتعال يولد حرارة عالية جدا تصل الى ٨٠٠ درجة مئوية ما يتسبب باحتراق النباتات وهذا هو التدمير المباشر للفوسفور حرق المحاصيل والأشجار ومنها أشجار الزيتون"، لافتاً إلى أن "وزارة البيئة تقوم بإحصاء المناطق الحرجية والمحميات التي تتعرض للاحتراق".
وإذ أوضح أبيض أن "المساحات التي تتأثر بالحريق المباشر معظمها مناطق حرجية منها أشجار الزيتون و الفواكه"، أوضح أنه "بعد أن يحترق الفوسفور الأبيض الذي هو مادة كيميائية غير ثابتة يترسب في التربة واذا كانت نسبة الفوسفور في مستويات عالية في التربة فهو يعطل إمتصاص النبات للمغذيات ويتأخر نموها نتيجة إتلاف صحة التربة و قدرتها على دعم نمو المحاصيل".
ومن الآثار السلبية للفوسفور الأبيض تحدث أبيض عن تلوث المياه " إذا كان هناك فوسفور مرتفع في البحيرات و المناطق التي تعيش فيها الأسماك فهذا الأمر يشجع نمو الطحالب ما يؤثر سلباً على الأسماك ويؤدي إلى نفوقها".
ومن التأثيرات السامة للفوسفور الأبيض أيضا أشار أبيض إلى "تأثيره على التربة وعلى حياة الميكروبات و الحشرات والديدان التي تلعب أحياناً دوراً جيدا و إيجابيا في خصوبة التربة"، لافتاً إلى أن "فقدان هذه الحشرات والديدان والميكروبات سيؤدي إلى انخفاض طويل الأمد في إنتاجية التربة".
وبالنسبة الى الأشجار المثمرة، أكد أنه" إذا تعرضت للفوسفور الأبيض ستحترق"، شارحًا أن "الفوسفور الأبيض لن يكون موجوداً على النبات ولا سيما الزيتون لكن سيكون هناك ترسبات من المواد التي تحول إليها بعد إحتراقه بشكل غبار من بقايا اشتعاله و لا يبقى لها أثراً سيما بعد غسلها".
أما في المناطق المتضررة بشدة فكشف أبيض أن "وزارة البيئة اعدت دراسة في شهر كانون الثاني الماضي بالتعاون مع مختبرات البيئة و الزراعة و الغذاء في الجامعة الأميركية حيث تبين بأن نسبة الفوسفور في بعض المناطق تعدت ألف مرة للمعدل الطبيعي وبين 100 الى 400 مرة المعدل الطبيعي في اماكن اخرى، لكن هذا الأمر يتطلب المزيد من الجهود لإعداد دراسات أكثر على هذه المناطق فور انتهاء العدوان الاسرائيلي من أجل وضع برنامج لإصلاح التربة و إعادة استصلاح هذه الأراضي و إعادة زراعتها من أجل الحصول على المحصول الذي كان سابقاً"، ولفت إلى ان "النسب العالية من الفوسفور ستؤخر النمو الطبيعي للنبات".
معلوف
بدوره، أشار المهندس الزراعي و رئيس الجمعية التعاونية الزراعية في راشيا الفخار غيث معلوف أشار في حديث إلى "الوكالة الوطنية " إلى ان "الانتاج الأساسي لزيت الزيتون بين جنوب اوروبا و شرق المتوسط و شمال أفريقيا وبسبب التطرف المناخي انخفضت كميات إنتاج زيت الزيتون في العالم وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة الطلب على زيت الزيتون و ارتفاع سعره ".
بالنسبة إلى لبنان أوضح معلوف أن " 22% من الأراضي الزراعية في لبنان مزروعة بالزيتون بحسب إحصاءات وزارة الزراعة ( حوالى 8 أو 9 ملايين شجرة زيتون)"، لافتاً إلى أن "الجنوب يحتوي على أكثر من 40% من المساحات المزروعة بالزيتون والمناطق الأساسية في الجنوب لزراعة الزيتون هي قضاءا مرجعيون و حاصبيا ومنطقة شرق صيدا و بكمية أقل لكنها منتشرة حديثاً في أقضية صيدا و قرى أقضية صور و النبطية و بنت جبيل".
وإذ أشار إلى أن "زراعة الزيتون مصدر رزق أساسي ( أكثر من 50% مصدر وحيد و 30% مصدر ثانوي) لسكان هذه المناطق الجنوبية تحدث عن تضرر كبير في بساتين القرى المحاذية للشريط الحدودي من جراء الإعتداءات الإسرائيلية منها احترق ومنها لا يتمكن المزارعون من قطف محاصيلهم ليس لهذا الموسم فقط بل لمواسم عدة مقبلة لافتًا أن "أكثر من 70% من إنتاج الزيتون لن يتم قطفه هذا الموسم و هذا يؤدي إلى خسارة كبيرة للمزارعين".
وقال:" المشكلة الأساسية أن هناك خوفًا من أن المناطق الزراعية التي تعرضت للقصف بخاصة الفوسفور الأبيض أصبحت الأرض فيها موبوءة وزيت الزيتون الذي تنتجه غير صالح"، ولفت إلى أن "هناك دراسات علمية حول ضرر الفوسفور الأبيض على المنتوجات الزراعية و منها الزيتون أثبتت عدم وجود أي تأثير للفوسفور الأبيض على النبات و من هذه الدراسات الفرقة الإسبانية في اليونيفيل التي أخذت عينة من التربة و من زيت الزيتون بحيث تم فحصها و تم التأكد من عدم وجود أي رواسب للفوسفور الذي يشكل خطراً على صحة الإنسان او على صحة شجرة الزيتون على المدى الطويل".
وكشف أن "المزارعين في بلدة دير ميماس الذين يصدرون زيت الزيتون إلى الخارج أخذوا عينات كشف عليها مركز البحوث الزراعية بحيث تبين عدم وجود أي تأثير لترسبات الفوسفور الأبيض على الزيت".
وشرح معلوف أن "الفوسفور هو أحد العناصر الأساسية التي يحتاج إليها النبات بكميات كبيرة وهي النيترات والفوسفور والبوتاسيوم"، لافتاً إلى أن "الفوسفور الذي يستعمل في القذائف هو الفوسفور الثلاثي و هو مادة كيميائية غير ثابتة و بمجرد إطلاقه في الجو يبقى في منطقة عالية عن التربة و ينتشر على مساحة بين 10 و 15 دونمًا و أحياناً 30 أو 40 دونمًا بحسب الإرتفاع الذي انفجر فيه".
أضاف:" لمجرد انفجار القذيفة، الفوسفور يتأكسد ويتفاعل مع الرطوبة والأوكسجين الموجودين في الهواء ويصدر الدخان الكثيف الأبيض لأسباب عسكرية ويتساقط بعض أجزاء هذا الفوسفور على التربة و يحترق، لذلك يشكل الفوسفور خطراً كبيراً في الفترة التي ينفجر فيها في الهواء بسبب حامض الفوسفوريك الذي يصدر عنه و الذي يعد مادة تؤثر على التنفس تؤدي إلى الإصابة بحروق"، مؤكداً أنه "لمجرد مرور ساعات او أيام على قصف الفوسفور يتأكسد كليًا ويتفاعل مع الرطوبة والأوكسحين و يتحول إلى مادة الفوسفور الطبيعية التي يأخذها النبات كي ينمو".
وأوضح أن "الفوسفور مادة غذائية تتحرك ببطء شديد في التربة و في النبات حتى لو كان هناك كمية كبيرة من الفوسفور النبات لا يأخذها بكميات كبيرة".