دعا وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال المهندس زياد المكاري إلى "تفادي الانجرار وراء الأخبار الكاذبة التي تنشرها إسرائيل، وعدم التفاعل معها على مواقع التواصل الاجتماعي".
وشدد في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الاعلام، في حضور نقيب الصحافة عوني الكعكي ونائب نقيب المحررين صلاح تقي الدين ورئيس "نادي الصحافة" بسام أبوزيد وممثلين ل" سكايز" ووسائل الإعلام ومؤسسة "مهارات"، على "عدم الانجرار وراء تحويل رسالتنا الإعلامية محل خطر للنازحين والتحقق من جرائم العدو وأرشفتها لمقاضاة الاحتلال"، مشيرا إلى أن "استشهاد الزملاء الصحافيين أمس دليل على أن العدو لا أمان له". وقال: "سيكون لدينا فريق وغرفة في وزارة الإعلام لرصد كل الأخبار الزائفة وكشفها".
وقال: "يشُنُّ العدوُّ الإسرائيليُّ عُدواناً كبيراً على لبنان. وهو يتربَّصُ بنا جميعاً. والعدوانُ القائمُ اليومَ متعدِّدُ الأبعاد، بَدءاً من تدميرِ قُرانا ومُدُنِنا، وصولاً إلى الدَّفعِ نحوَ تشنُّجاتٍ داخليةٍ، واستثمارِها لإضعافِنا جميعاً، بعدما أظهرَ اللبنانيونَ تضامناً مُجتمعيّاً نفتخرُ به، يُضافُ إليه وَعْيٌ سياسيٌ لدى القِياداتِ والأحزابِ، راحَ يتبلورُ معَ الوقت، وهدفُهُ الحِفاظُ على الوَحدةِ الوطنيّةِ في هذه اللحظةِ الحَرِجَةِ من تاريخِنا. والإعلامُ في صُلبِ هذه الحرب: إمّا أن يرتَقيَ إلى مُستوى المسؤوليةِ الوطنيةِ ويساهمُ في تعزيزِ الوَحدَةِ الوطنيةِ وصَوْنِها وحمايةِ البلد، وإمّا أن يَنزلِقَ إلى الخلافاتِ والتشنُّجاتِ فيُصبِحَ خَطَراً علينا جميعاً".
أضاف: "حريةُ الإعلامِ بالنسبةِ إلينا، وكما عَهِدتُموني، مقدّسة. أتمسَّكُ بها وأدافِعُ عنها. صحيحٌ أننا في لبنانَ نتمتَّعُ بحُريةِ التعبيرِ وحُريةِ الإعلام، لكنَّ هذه الأخيرةَ ينتفي هدفُها ورسالتُها حينَ تسقُطُ في فَخِّ الخلافاتِ والسياساتِ الضيّقة، أو حينَ لا تترافَقُ مَعَ حِرفيّةٍ عاليةٍ وخُبرةٍ كبيرةٍ في التعامُلِ مَعَ الخَبَر، خصوصاً في زَمَنِ الحرب".
وتابع: "يُواجِهُ الإعلاميونَ اليومَ صعوباتٍ عدّة، وهُم يَسعَوْنَ من دونِ مَلَلٍ أو كَلَلٍ ويعرّضونَ حياتَهم للخَطَرِ من أجْلِ نقْلِ الحقيقةِ وإيصالِها إلى الجُمهور. وهذه رسالةُ شكرٍ وتحيةٌ لكلِّ هؤلاء، من دونِ استثناء. ولكنْ، يا للأسَف، يُوجِّه العديدُ من اللبنانيينَ اللوْمَ إلى الإعلام، ويذهبُ البعضُ بعيداً ويقولُ إنّ الإعلامَ يخدُمُ مصالحَ العدوِّ، وهذا ما هُو في الغالبِ مبالغات. الإعلامُ ليس مسؤولاً عن الحربِ القائمةِ اليومَ في لبنان. ولكنْ، عن قصدٍ أو عن غير قصد، يُمكنُ أن يُضفيَ الإعلامُ شرعيةً على هذه الحربِ ويُسهّلَ مَهمّةَ العدوِّ الداخلية. بالرَّغمِ من ذلك، لا بُدَّ من التشديدِ على أننا لسنا أمامَ حربٍ أهليّةٍ داخليةٍ لكَيْ يَقفَ الإعلامُ طرفاً فيها مَعَ هذا الفريقِ أو ذاك، ويساهمَ من موقعهِ في مَجهودٍ حربيّ ما، إيديولوجي أو طائفي (وهذا بذاته إشكاليّ). نحنُ أمامَ حربٍ يشُنُّها العدوُّ الإسرائيليُّ ضِدَّ لبنان، لبنانَ الأرضِ ولبنانَ الشعب والإرث والتاريخ. هذه حربٌ إسرائيليةٌ على لبنانَ (تأتي بعد إبادة في غزة)، ومِن موقِعي وزيراً للإعلام، أعرُضُ عليكُم رؤيةً وعناوينَ عريضة، علّها تشكّلُ مرجِعاً للصِّحافةِ والإعلام، مرجِعاً وطنياً وأخلاقياً بالدرجةِ الأولى".
وقال: "هذه المبادئُ تضَعُ الإعلامَ أمامَ مسؤولياتِه في:
أولاً: حمايةُ المدنيين، وهي الأولويةُ القُصوى، أي عدمُ الانجرارِ وراءَ تحويلِ رسالتِنا إلى مصدرِ خطرٍ يجعلُ المدنيين عُرضة للخطَرِ والاستهدافِ العسكري. كما أنَّ حمايةَ المدنيينَ تتطلَّبُ حمايةَ كراماتِهم وعدَمَ استخدامِ واقِعِ النزوحِ وُقوداً يساهِمُ في إشعالِ نارِ الفتنةِ الداخلية.
ثانيا: التحقُّقُ من جرائمِ العدوِّ ونقلُ صورتِها إلى العالَمِ من أجلِ الدفاعِ عن لبنانَ والمساهمةِ في أرشَفَةِ التعدّياتِ وجرائمِ الحربِ، وذلك من أجلِ استخدامِها شهاداتٍ في مقاضاةِ إسرائيلَ أمام المحاكِم الدولية.
ثالثاً: التمسكُ بالمواقفِ الوطنيّة، وأخلاقيّاتِ الصِّحافةِ المسؤولة، والتي تتطلبُ منّا صَوْنَ التماسُكِ الاجتماعي.
رابعاً: احترامُ القانونِ اللبنانيِّ في ما يتعلقُ بالعَداءِ لإسرائيل، فالإسرائيليُّ عدوٌّ، والإشارةُ إليه بهذه الصفةِ هي التزامٌ بالقانونِ اللبنانيّ.
خامساً: تفادي الانجرارِ وراءَ الأخبارِ الكاذبةِ والمُضلِّلَةِ، وعدمُ استخدامِ مُصطلحاتٍ يُمليها علينا العدوُّ الإسرائيليّ، فالعدوُّ عدوٌّ وليسَ مصدراً موثوقاً به للخبر.
سادساً: الحفاظُ على السِلمِ الأهليّ، من خلالِ تسليطِ الضوءِ في هذه اللحَظاتِ على ما يجمعُ ولا يُفرِّق. فالسلمُ الأهليُّ اليومَ هو الحجرُ الأساسُ في مواجَهَة إسرائيل.
سابعاً: الامتناعُ عن الردِّ أو التواصُلِ مَعَ حساباتِ الإعلامِ الإسرائيليّ أو التفاعلِ معها. فالعدوّ يَعمَدُ بكلِّ الأساليبِ إلى إيقاعِنا في فَخِّ التطبيع، فنبتعدُ عن الموقِفِ اللبنانيِّ الرسميّ، ألا وهوَ العداءُ لإسرائيلَ بصفتِه موقِفاً وطنياً سيادياً.
ثامناً: الحَذَرُ من التعامُلِ مَعَ إعلامِ العدوِّ بصفَتِهِ مصدراً موثوقاً به، وبالتالي ضرورةُ تفكيكِ مصادِرِه، ووَضْعُها في سياقِها، بصِفَتِها صادرةً عنِ العدو، وتفادي تبنّيها على أنها حقيقةٌ.
تاسعاً: عدمُ الانجرارِ وراءَ الإشاعات، والتنبّؤات، وعدمُ الاعتمادِ عليها كمصدرٍ للمعلومات، فأغلبُها إشاعاتٌ سياسيةٌ وتساهِمُ في المجهودِ الحربيّ للعدو، وهدَفُها نشرُ القلقِ والخوف، والتخوينُ والحِقد".
أضاف: "لتكنْ هذه الرؤيةُ وهذه العناوينُ مدخلاً للتماسُكِ الوطنيِّ ومجالاً لفتحِ نقاشٍ بنّاءٍ حولَ كيفيةِ تعزيزِ الوَحدةِ الوطنيةِ وتوجيهِ الإعلامِ ليكونَ مساحةً وصوتًا يعزّزُ الصمودَ الوطني، بدلًا من أن يكونَ ساحةً للتجاذُبات السياسيةِ الإقليمية والداخلية. مصالحُنا الوطنيةُ العليا، سَواءٌ من خلالِ الإعلامِ أو على المستوى السياسي، تتطلبُ قدْرًا عاليًا من الحكمةِ في التعامُلِ مَعَ الأزَماتِ، وهذه واجباتُنا تِجاهَ لبنانَ وتجاهَ المجتمع. إنّ وزارةَ الإعلامِ ليست مسؤولةً عن الرَّقابةِ المباشَرةِ العقابيّة، ولن تكونَ شرطيَّا رَقابياً على كلِّ تقرير صِحافي. نحنُ جُزءٌ من المؤسساتِ الرسمية. وعلى المؤسساتِ الرسميةِ تَحَمُّلُ مسؤولياتِها، كلٌّ من بابِ صلاحيتِه، بَدءاً من القضاء، وصولاً إلى الأمن".
وتابع: "أمامَ هذه الاحداث، أشدّدُ على أن مسؤوليتَنا ليست فقط قانونية، إنما خصوصاً وتحديداً هي مسؤولياتٌ وطنية. ولعلَّ دماءَ شهدائنا، شهداءِ الصِحافة والإعلامِ الذين سقطوا ضحايا إسرائيل، وآخرُهم من تمَ رصدُه واغتيالُه بالأمس – خلالَ نومِهم وطُمأنِينَتِهم في مكانٍ اعتقدوا انه آمِن- لعلَّها تكونُ أكبرَ عِبْرةٍ لنا جميعاً بأنّ العدوَّ لا أمانَ له، ولا قواعدَ يحترمُها. من هنا، أتوجّهُ إلى كلّ صِحافيٍّ أو صِحافية، وكلّ إعلاميٍّ أو إعلامية، ومغرّدٍ أو مغردة: مسؤوليتُكم وطنية، وليكُن هذا النداءُ مَرجِعاً أخلاقياً لنا جميعاً، دفاعاً عن الوطن".
وأشار المكاري الى ان "الحكومة اللبنانية اتخذت كل الاجراءات التي يمكن ان تتخذها والمتعلقة باغتيال صحافيين ومحاولة قتل صحافيين آخرين في حاصبيا"، كاشفا عن اتصال أمس بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب الموجودين خارج لبنان، وقد تقدمت وزارة الخارجية ضمن صلاحياتها بشكاوى وكتب الى المفوض السامي لحقوق الانسان والمقرر الخاص لحماية حرية الرأي والتعبير في جنيف، وسيتم تقديم شكوى الى مجلس الامن ومنظمة الاونيسكو، وقد كتبت منظمة الاعلام الى منظمة الاونيسكو في هذا الخصوص".
وأسف "لأان لبنان لم يوقع اتفاقية روما ليذهب الى المحاكم الجنائية الدولية، إذ ليس باستطاعتنا التوجه الى هذه المحاكم لاننا لم نوقع اتفاقية روما، الا ان هذا لا يمنع اننا نحاول ايجاد نافذة للدخول منها لنشكو اسرائيل في هذا الموضوع".
وقال: "الخطر الذي يطال الصحافة المحلية الموجودة في لبنان من قبل اسرائيل، يطال ايضا الصحافة الاجنبية في هذا البلد. فمنذ 9 تشرين الاول الماضي يوجد في لبنان 1638 صحافيا اجنبيا، وهو رقم كبير موزع على 52 جنسية اجنبية موزعة في لبنان".
وتوجه الى المجتمع الدولي: "هذا الموضوع ليس مزحة وهناك مسؤولية مشتركة لايقاف الحرب وآلة القتل".
واكد "العلاقة المتينة بين وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام وكل النقابات المعنية وجميع المؤسسات الاعلامية، على جميع قناعاتها وتوجهاتها السياسية". وقال: "وزارة اعلام تفتخر بنسج علاقات عريضة ومتينة مع كل هذه المؤسسات وسنتواصل مع كل مؤسسة عليها ملاحظات او لغط او شكاوى. هناك مواضيع تحل في بيتنا الداخلي واخرى توجه عبر القانون. ونحن في وزارة الاعلام اتخذنا اجراءات معينة يتم العمل عليها منها انشاء مكتب تابع للوزارة لرصد كل الاخبار الزائفة التي تؤدي الى التوترات الطائفية والحزبية والمجتمعية والسياسية على منصات التواصل الاجتماعي. كذلك سيكون هناك فريق مرتبط بوزير الاعلام بشكل مباشر وبالوكالة الوطنية للاعلام تحت اسم Fact check Lebanon سيبدأ العمل لتكذيب كل خبر زائف".
وقال: "للوكالة الوطنية للاعلام مصداقية امام اللبنانيين وامام الصحافة الاجنبية وكل السفارات، وستكون هذه المنصة التي نأمل من الجميع التعاون معها، لدحض كل الاخبار الزائفة التي تسبب التوترات في البلد".
واشار الى "وجود اتصالات مع الاجهزة الامنية من امن الدولة والامن العام ومخابرات الجيش وجرائم المعلوماتية وشعبة المعلومات لرصد كل من يحاول توتير الاجواء بشكل خطير ويهدد السلم الامن الاهلي، ونحن لا نظهر هذا الامر عبر الاعلام، لاننا نحاول حماية البلد ونتمنى من كل الاعلام ان يكون شريكا في هذا الموضوع".
ولفت الى ان "وزارة الاعلام اصدرت بيانا منذ اسبوعين تحدثت فيه عن المادتين في قانون العقوبات 295 و296 اللتين تنصان على معاقبة كل من يضعف الشعور القومي او يوقظ النعرات وينقل اخبارا كاذبة او مبالغا فيها في زمن الحرب. ليست وزارة الاعلام من تنفذ هذه القوانين او تطبقها بل هناك قضاء في لبنان ينفذ هذا الامر".
وفي موضوع الصحافي الاسرائيلي الذي دخل لبنان عبر الحدود، كشف المكاري عن "توجيه رسائل تحذير الى كل الوكالات الاجنبية التي دخلت لبنان وحصلنا على اجوبة في هذا الخصوص".
وقال: "الوضع في لبنان غير مريح ونحن في فوضى كبيرة. ما من شك ان الاعلام شريك ايجابي وايضا سلبي في نقل هذه الفوضى. نحن امام رسالة واحدة اما ان نبني هذا البلد أو نخربه".
وردا على سؤال أجاب: "أوجه تحية لكل الاعلام اللبناني الموجود والمحترف. كل هذا الاعلام يقوم بالتغطية على اكمل وجه منذ بداية هذه الحرب، من دون ان يعني هذا عدم وجود شطط وان البلد منقسم وان الاعلام يعكس هذا الانقسام".
أضاف: "ليس من عمل وزارة الاعلام ان تقرر ما اذا كان هذا الخبر يشكل خطرا على الامن القومي والسلم الاهلي أو لا. نحن في هذا الموضوع خلف الاجهزة الامنية التي يجب ان تتحرك وخلف القضاء ايضا. نحن نغطي القرارات الصادرة عن الاجهزة الامنية والقضاء اللبناني. المخالفات التي تصدر من خلال قانون الاعلام الذي نعمل من خلاله، نحن على استعداد لاتخاذ الاجراءات التي يجب ان تتخذ، لا ان يتم رمي اللوم على الحكومة ولا على وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام. نحن لا نتهرب من مسؤولياتنا بل نواجه كل مشكلة لدينا ونسير امام الاعلاميين في هذا الموضوع، كما اننا نذهب الى ابعد من صلاحياتنا، لكن عند الحديث عن اخبار ذات طابع امني وعمالة وغيرها هناك اجهزة امنية تقوم بواجباتها وندعوها للقيام بواجباتها حتى النهاية لاننا ندعمها في كل قرار تتخذه".
وأعلن المكاري تبلغه رسالة من الوزير بو حبيب مفادها ان "لبنان تقدم بشكوى الى الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الامن في موضوع استشهاد الصحافيين".
واشار الى ان "الصحافيين الثلاثة اغتيلوا ضمن جريمة حرب، إذ كانوا في مجمع شاليهات بعيد عن المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، وهم استهدفوا اثناء نومهم، الامر الذي يؤكد ان اسرائيل ليس لديها رحمة. كان هناك في المجمع 7 مؤسسات تلفزيونية لبنانية وعربية من ام تي في والجزيرة والمنار والميادين والتلفزيون العربي، وهذا يظهر وجود قضية مشتركة تجمعنا".
وختم المكاري: "بعد الحرب يجب ان نجلس سويا إذ لا خيار لنا سواه. نحن في مراكب عدة لكننا في خضم عاصفة واحدة قد تغرقنا جميعا".
الكعكي
من جهته وجه نقيب الصحافة عوني الكعكي التحية لارواح شهداء الصحافة الذين يقدمون ارواحهم وكل ما لديهم في سبيل تأدية رسالتهم، معتبرا ان "كل المؤسسات الاعلامية اللبنانية تبذل جهدا كبيرا للتضحية في سبيل القضية التي تقتنع بها". ودعا المؤسسات الاعلامية في لبنان الى "تأجيل خلافاتها الى ما بعد الحرب فاليوم لدينا اولوية هي انهاء الحرب والوقت ليس للمناحرات والمناكفات فاسرائيل اليوم تريد النيل من كل اعلامي قام بفضح جرائمها في غزة ولبنان وهي تقصف المستشفيات والمراكز الصحية".
وشدد في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الاعلام، في حضور نقيب الصحافة عوني الكعكي ونائب نقيب المحررين صلاح تقي الدين ورئيس "نادي الصحافة" بسام أبوزيد وممثلين ل" سكايز" ووسائل الإعلام ومؤسسة "مهارات"، على "عدم الانجرار وراء تحويل رسالتنا الإعلامية محل خطر للنازحين والتحقق من جرائم العدو وأرشفتها لمقاضاة الاحتلال"، مشيرا إلى أن "استشهاد الزملاء الصحافيين أمس دليل على أن العدو لا أمان له". وقال: "سيكون لدينا فريق وغرفة في وزارة الإعلام لرصد كل الأخبار الزائفة وكشفها".
وقال: "يشُنُّ العدوُّ الإسرائيليُّ عُدواناً كبيراً على لبنان. وهو يتربَّصُ بنا جميعاً. والعدوانُ القائمُ اليومَ متعدِّدُ الأبعاد، بَدءاً من تدميرِ قُرانا ومُدُنِنا، وصولاً إلى الدَّفعِ نحوَ تشنُّجاتٍ داخليةٍ، واستثمارِها لإضعافِنا جميعاً، بعدما أظهرَ اللبنانيونَ تضامناً مُجتمعيّاً نفتخرُ به، يُضافُ إليه وَعْيٌ سياسيٌ لدى القِياداتِ والأحزابِ، راحَ يتبلورُ معَ الوقت، وهدفُهُ الحِفاظُ على الوَحدةِ الوطنيّةِ في هذه اللحظةِ الحَرِجَةِ من تاريخِنا. والإعلامُ في صُلبِ هذه الحرب: إمّا أن يرتَقيَ إلى مُستوى المسؤوليةِ الوطنيةِ ويساهمُ في تعزيزِ الوَحدَةِ الوطنيةِ وصَوْنِها وحمايةِ البلد، وإمّا أن يَنزلِقَ إلى الخلافاتِ والتشنُّجاتِ فيُصبِحَ خَطَراً علينا جميعاً".
أضاف: "حريةُ الإعلامِ بالنسبةِ إلينا، وكما عَهِدتُموني، مقدّسة. أتمسَّكُ بها وأدافِعُ عنها. صحيحٌ أننا في لبنانَ نتمتَّعُ بحُريةِ التعبيرِ وحُريةِ الإعلام، لكنَّ هذه الأخيرةَ ينتفي هدفُها ورسالتُها حينَ تسقُطُ في فَخِّ الخلافاتِ والسياساتِ الضيّقة، أو حينَ لا تترافَقُ مَعَ حِرفيّةٍ عاليةٍ وخُبرةٍ كبيرةٍ في التعامُلِ مَعَ الخَبَر، خصوصاً في زَمَنِ الحرب".
وتابع: "يُواجِهُ الإعلاميونَ اليومَ صعوباتٍ عدّة، وهُم يَسعَوْنَ من دونِ مَلَلٍ أو كَلَلٍ ويعرّضونَ حياتَهم للخَطَرِ من أجْلِ نقْلِ الحقيقةِ وإيصالِها إلى الجُمهور. وهذه رسالةُ شكرٍ وتحيةٌ لكلِّ هؤلاء، من دونِ استثناء. ولكنْ، يا للأسَف، يُوجِّه العديدُ من اللبنانيينَ اللوْمَ إلى الإعلام، ويذهبُ البعضُ بعيداً ويقولُ إنّ الإعلامَ يخدُمُ مصالحَ العدوِّ، وهذا ما هُو في الغالبِ مبالغات. الإعلامُ ليس مسؤولاً عن الحربِ القائمةِ اليومَ في لبنان. ولكنْ، عن قصدٍ أو عن غير قصد، يُمكنُ أن يُضفيَ الإعلامُ شرعيةً على هذه الحربِ ويُسهّلَ مَهمّةَ العدوِّ الداخلية. بالرَّغمِ من ذلك، لا بُدَّ من التشديدِ على أننا لسنا أمامَ حربٍ أهليّةٍ داخليةٍ لكَيْ يَقفَ الإعلامُ طرفاً فيها مَعَ هذا الفريقِ أو ذاك، ويساهمَ من موقعهِ في مَجهودٍ حربيّ ما، إيديولوجي أو طائفي (وهذا بذاته إشكاليّ). نحنُ أمامَ حربٍ يشُنُّها العدوُّ الإسرائيليُّ ضِدَّ لبنان، لبنانَ الأرضِ ولبنانَ الشعب والإرث والتاريخ. هذه حربٌ إسرائيليةٌ على لبنانَ (تأتي بعد إبادة في غزة)، ومِن موقِعي وزيراً للإعلام، أعرُضُ عليكُم رؤيةً وعناوينَ عريضة، علّها تشكّلُ مرجِعاً للصِّحافةِ والإعلام، مرجِعاً وطنياً وأخلاقياً بالدرجةِ الأولى".
وقال: "هذه المبادئُ تضَعُ الإعلامَ أمامَ مسؤولياتِه في:
أولاً: حمايةُ المدنيين، وهي الأولويةُ القُصوى، أي عدمُ الانجرارِ وراءَ تحويلِ رسالتِنا إلى مصدرِ خطرٍ يجعلُ المدنيين عُرضة للخطَرِ والاستهدافِ العسكري. كما أنَّ حمايةَ المدنيينَ تتطلَّبُ حمايةَ كراماتِهم وعدَمَ استخدامِ واقِعِ النزوحِ وُقوداً يساهِمُ في إشعالِ نارِ الفتنةِ الداخلية.
ثانيا: التحقُّقُ من جرائمِ العدوِّ ونقلُ صورتِها إلى العالَمِ من أجلِ الدفاعِ عن لبنانَ والمساهمةِ في أرشَفَةِ التعدّياتِ وجرائمِ الحربِ، وذلك من أجلِ استخدامِها شهاداتٍ في مقاضاةِ إسرائيلَ أمام المحاكِم الدولية.
ثالثاً: التمسكُ بالمواقفِ الوطنيّة، وأخلاقيّاتِ الصِّحافةِ المسؤولة، والتي تتطلبُ منّا صَوْنَ التماسُكِ الاجتماعي.
رابعاً: احترامُ القانونِ اللبنانيِّ في ما يتعلقُ بالعَداءِ لإسرائيل، فالإسرائيليُّ عدوٌّ، والإشارةُ إليه بهذه الصفةِ هي التزامٌ بالقانونِ اللبنانيّ.
خامساً: تفادي الانجرارِ وراءَ الأخبارِ الكاذبةِ والمُضلِّلَةِ، وعدمُ استخدامِ مُصطلحاتٍ يُمليها علينا العدوُّ الإسرائيليّ، فالعدوُّ عدوٌّ وليسَ مصدراً موثوقاً به للخبر.
سادساً: الحفاظُ على السِلمِ الأهليّ، من خلالِ تسليطِ الضوءِ في هذه اللحَظاتِ على ما يجمعُ ولا يُفرِّق. فالسلمُ الأهليُّ اليومَ هو الحجرُ الأساسُ في مواجَهَة إسرائيل.
سابعاً: الامتناعُ عن الردِّ أو التواصُلِ مَعَ حساباتِ الإعلامِ الإسرائيليّ أو التفاعلِ معها. فالعدوّ يَعمَدُ بكلِّ الأساليبِ إلى إيقاعِنا في فَخِّ التطبيع، فنبتعدُ عن الموقِفِ اللبنانيِّ الرسميّ، ألا وهوَ العداءُ لإسرائيلَ بصفتِه موقِفاً وطنياً سيادياً.
ثامناً: الحَذَرُ من التعامُلِ مَعَ إعلامِ العدوِّ بصفَتِهِ مصدراً موثوقاً به، وبالتالي ضرورةُ تفكيكِ مصادِرِه، ووَضْعُها في سياقِها، بصِفَتِها صادرةً عنِ العدو، وتفادي تبنّيها على أنها حقيقةٌ.
تاسعاً: عدمُ الانجرارِ وراءَ الإشاعات، والتنبّؤات، وعدمُ الاعتمادِ عليها كمصدرٍ للمعلومات، فأغلبُها إشاعاتٌ سياسيةٌ وتساهِمُ في المجهودِ الحربيّ للعدو، وهدَفُها نشرُ القلقِ والخوف، والتخوينُ والحِقد".
أضاف: "لتكنْ هذه الرؤيةُ وهذه العناوينُ مدخلاً للتماسُكِ الوطنيِّ ومجالاً لفتحِ نقاشٍ بنّاءٍ حولَ كيفيةِ تعزيزِ الوَحدةِ الوطنيةِ وتوجيهِ الإعلامِ ليكونَ مساحةً وصوتًا يعزّزُ الصمودَ الوطني، بدلًا من أن يكونَ ساحةً للتجاذُبات السياسيةِ الإقليمية والداخلية. مصالحُنا الوطنيةُ العليا، سَواءٌ من خلالِ الإعلامِ أو على المستوى السياسي، تتطلبُ قدْرًا عاليًا من الحكمةِ في التعامُلِ مَعَ الأزَماتِ، وهذه واجباتُنا تِجاهَ لبنانَ وتجاهَ المجتمع. إنّ وزارةَ الإعلامِ ليست مسؤولةً عن الرَّقابةِ المباشَرةِ العقابيّة، ولن تكونَ شرطيَّا رَقابياً على كلِّ تقرير صِحافي. نحنُ جُزءٌ من المؤسساتِ الرسمية. وعلى المؤسساتِ الرسميةِ تَحَمُّلُ مسؤولياتِها، كلٌّ من بابِ صلاحيتِه، بَدءاً من القضاء، وصولاً إلى الأمن".
وتابع: "أمامَ هذه الاحداث، أشدّدُ على أن مسؤوليتَنا ليست فقط قانونية، إنما خصوصاً وتحديداً هي مسؤولياتٌ وطنية. ولعلَّ دماءَ شهدائنا، شهداءِ الصِحافة والإعلامِ الذين سقطوا ضحايا إسرائيل، وآخرُهم من تمَ رصدُه واغتيالُه بالأمس – خلالَ نومِهم وطُمأنِينَتِهم في مكانٍ اعتقدوا انه آمِن- لعلَّها تكونُ أكبرَ عِبْرةٍ لنا جميعاً بأنّ العدوَّ لا أمانَ له، ولا قواعدَ يحترمُها. من هنا، أتوجّهُ إلى كلّ صِحافيٍّ أو صِحافية، وكلّ إعلاميٍّ أو إعلامية، ومغرّدٍ أو مغردة: مسؤوليتُكم وطنية، وليكُن هذا النداءُ مَرجِعاً أخلاقياً لنا جميعاً، دفاعاً عن الوطن".
وأشار المكاري الى ان "الحكومة اللبنانية اتخذت كل الاجراءات التي يمكن ان تتخذها والمتعلقة باغتيال صحافيين ومحاولة قتل صحافيين آخرين في حاصبيا"، كاشفا عن اتصال أمس بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب الموجودين خارج لبنان، وقد تقدمت وزارة الخارجية ضمن صلاحياتها بشكاوى وكتب الى المفوض السامي لحقوق الانسان والمقرر الخاص لحماية حرية الرأي والتعبير في جنيف، وسيتم تقديم شكوى الى مجلس الامن ومنظمة الاونيسكو، وقد كتبت منظمة الاعلام الى منظمة الاونيسكو في هذا الخصوص".
وأسف "لأان لبنان لم يوقع اتفاقية روما ليذهب الى المحاكم الجنائية الدولية، إذ ليس باستطاعتنا التوجه الى هذه المحاكم لاننا لم نوقع اتفاقية روما، الا ان هذا لا يمنع اننا نحاول ايجاد نافذة للدخول منها لنشكو اسرائيل في هذا الموضوع".
وقال: "الخطر الذي يطال الصحافة المحلية الموجودة في لبنان من قبل اسرائيل، يطال ايضا الصحافة الاجنبية في هذا البلد. فمنذ 9 تشرين الاول الماضي يوجد في لبنان 1638 صحافيا اجنبيا، وهو رقم كبير موزع على 52 جنسية اجنبية موزعة في لبنان".
وتوجه الى المجتمع الدولي: "هذا الموضوع ليس مزحة وهناك مسؤولية مشتركة لايقاف الحرب وآلة القتل".
واكد "العلاقة المتينة بين وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام وكل النقابات المعنية وجميع المؤسسات الاعلامية، على جميع قناعاتها وتوجهاتها السياسية". وقال: "وزارة اعلام تفتخر بنسج علاقات عريضة ومتينة مع كل هذه المؤسسات وسنتواصل مع كل مؤسسة عليها ملاحظات او لغط او شكاوى. هناك مواضيع تحل في بيتنا الداخلي واخرى توجه عبر القانون. ونحن في وزارة الاعلام اتخذنا اجراءات معينة يتم العمل عليها منها انشاء مكتب تابع للوزارة لرصد كل الاخبار الزائفة التي تؤدي الى التوترات الطائفية والحزبية والمجتمعية والسياسية على منصات التواصل الاجتماعي. كذلك سيكون هناك فريق مرتبط بوزير الاعلام بشكل مباشر وبالوكالة الوطنية للاعلام تحت اسم Fact check Lebanon سيبدأ العمل لتكذيب كل خبر زائف".
وقال: "للوكالة الوطنية للاعلام مصداقية امام اللبنانيين وامام الصحافة الاجنبية وكل السفارات، وستكون هذه المنصة التي نأمل من الجميع التعاون معها، لدحض كل الاخبار الزائفة التي تسبب التوترات في البلد".
واشار الى "وجود اتصالات مع الاجهزة الامنية من امن الدولة والامن العام ومخابرات الجيش وجرائم المعلوماتية وشعبة المعلومات لرصد كل من يحاول توتير الاجواء بشكل خطير ويهدد السلم الامن الاهلي، ونحن لا نظهر هذا الامر عبر الاعلام، لاننا نحاول حماية البلد ونتمنى من كل الاعلام ان يكون شريكا في هذا الموضوع".
ولفت الى ان "وزارة الاعلام اصدرت بيانا منذ اسبوعين تحدثت فيه عن المادتين في قانون العقوبات 295 و296 اللتين تنصان على معاقبة كل من يضعف الشعور القومي او يوقظ النعرات وينقل اخبارا كاذبة او مبالغا فيها في زمن الحرب. ليست وزارة الاعلام من تنفذ هذه القوانين او تطبقها بل هناك قضاء في لبنان ينفذ هذا الامر".
وفي موضوع الصحافي الاسرائيلي الذي دخل لبنان عبر الحدود، كشف المكاري عن "توجيه رسائل تحذير الى كل الوكالات الاجنبية التي دخلت لبنان وحصلنا على اجوبة في هذا الخصوص".
وقال: "الوضع في لبنان غير مريح ونحن في فوضى كبيرة. ما من شك ان الاعلام شريك ايجابي وايضا سلبي في نقل هذه الفوضى. نحن امام رسالة واحدة اما ان نبني هذا البلد أو نخربه".
وردا على سؤال أجاب: "أوجه تحية لكل الاعلام اللبناني الموجود والمحترف. كل هذا الاعلام يقوم بالتغطية على اكمل وجه منذ بداية هذه الحرب، من دون ان يعني هذا عدم وجود شطط وان البلد منقسم وان الاعلام يعكس هذا الانقسام".
أضاف: "ليس من عمل وزارة الاعلام ان تقرر ما اذا كان هذا الخبر يشكل خطرا على الامن القومي والسلم الاهلي أو لا. نحن في هذا الموضوع خلف الاجهزة الامنية التي يجب ان تتحرك وخلف القضاء ايضا. نحن نغطي القرارات الصادرة عن الاجهزة الامنية والقضاء اللبناني. المخالفات التي تصدر من خلال قانون الاعلام الذي نعمل من خلاله، نحن على استعداد لاتخاذ الاجراءات التي يجب ان تتخذ، لا ان يتم رمي اللوم على الحكومة ولا على وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام. نحن لا نتهرب من مسؤولياتنا بل نواجه كل مشكلة لدينا ونسير امام الاعلاميين في هذا الموضوع، كما اننا نذهب الى ابعد من صلاحياتنا، لكن عند الحديث عن اخبار ذات طابع امني وعمالة وغيرها هناك اجهزة امنية تقوم بواجباتها وندعوها للقيام بواجباتها حتى النهاية لاننا ندعمها في كل قرار تتخذه".
وأعلن المكاري تبلغه رسالة من الوزير بو حبيب مفادها ان "لبنان تقدم بشكوى الى الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الامن في موضوع استشهاد الصحافيين".
واشار الى ان "الصحافيين الثلاثة اغتيلوا ضمن جريمة حرب، إذ كانوا في مجمع شاليهات بعيد عن المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، وهم استهدفوا اثناء نومهم، الامر الذي يؤكد ان اسرائيل ليس لديها رحمة. كان هناك في المجمع 7 مؤسسات تلفزيونية لبنانية وعربية من ام تي في والجزيرة والمنار والميادين والتلفزيون العربي، وهذا يظهر وجود قضية مشتركة تجمعنا".
وختم المكاري: "بعد الحرب يجب ان نجلس سويا إذ لا خيار لنا سواه. نحن في مراكب عدة لكننا في خضم عاصفة واحدة قد تغرقنا جميعا".
الكعكي
من جهته وجه نقيب الصحافة عوني الكعكي التحية لارواح شهداء الصحافة الذين يقدمون ارواحهم وكل ما لديهم في سبيل تأدية رسالتهم، معتبرا ان "كل المؤسسات الاعلامية اللبنانية تبذل جهدا كبيرا للتضحية في سبيل القضية التي تقتنع بها". ودعا المؤسسات الاعلامية في لبنان الى "تأجيل خلافاتها الى ما بعد الحرب فاليوم لدينا اولوية هي انهاء الحرب والوقت ليس للمناحرات والمناكفات فاسرائيل اليوم تريد النيل من كل اعلامي قام بفضح جرائمها في غزة ولبنان وهي تقصف المستشفيات والمراكز الصحية".